٠٦‏/٠٩‏/٢٠٠٩

الخيم الرمضانية توثق الصلات الاجتماعية



تعتبر الخيم الرمضانية التي تقيمها الفنادق طوال شهر رمضان المبارك فرصة طيبة لتجمع الأهل والأصدقاء بعد الإفطار حيث تفتح أبوابها بعد صلاة المغرب وتمتد حتى صلاة الفجر، وفيها يستمتع الرواد بتبادل الأحاديث وإعادة بناء ما انقطع من العلاقات الاجتماعية بين أفراد المجتمع، ولا يخلو الأمر من وجود مسابقات وجوائز للفائزين تزيد من الحماسة خلال تلك الليالي، ورغم ما يقال عن مضار السهر في رمضان إلا أن مرتادي تلك الخيم اعتبروه أجمل ما يميز شهر رمضان على المستوى الاجتماعي والترفيهي حيث الأجواء المبهجة من حيث الأضواء والزينة والفوانيس.
تقول دانيه المالكي مديرة العلاقات العامة في فندق ميريديان أبوظبي: بعد الإفطار تستقبل خيمتنا الرمضانية «ليالي السهر» ضيوفنا في جو من الصفاء لتناول المشروبات الرمضانية وبعض المأكولات الخفيفة والشيشة على أنغام الموسيقى العربية التقليدية، بينما يتنافس الزوار على طاولة الزهر أو لعبة الورق أو يشاهدوا برامجهم المفضلة على شاشة التلفزيون، وفي كل خميس هناك سحب على جوائز مميزة.
وتضيف سوزان بيرثيانوم ماك لين مديرة العلاقات العامة فندق رويال ميريديان ابوظبي تعود مجدداً في هذا الشهر الكريم خيمة «ليالي الحلمية » الرمضانية، حيث تستقبل ضيوفها وتحتفي بهم بما تقدمه من خدمات ومعاملة راقية طوال هذا الشهر الكريم.
ولقد استغرق إنشاء وزخرفة الخيمة الرمضانية شهراً كاملاً ليس بما تمتاز به من قائمة أطعمة خيالية فحسب، ولكن من حيث إنشاء هذه الخيمة الفخمة المكيفة الهواء، والتي تقدم مكاناً فريداً لن يتكرر لهذه المناسبة الخاصة، في الحدائق الواقعة في مؤخرة الفندق حيث يقع حمام السباحة وأشجار النخيل في قلب هذه الخيمة، مما يترك في النفس شعوراً بأنك في الهواء الطلق وفي أحضان الطبيعة.
إضافة إلى هذه البيئة العربية الساحرة والمنظر الخلاب للمساء، يحضرنا أحد أشهر عازفي العود والكمان، مما يجعل الضيوف يستمتعون بصحبة الأصدقاء والأهل والزملاء فيما هم منهمكون بلعبة الطاولة أو لعب الكوتشينة.
السهر ليس سيئا
وفي استطلاع لرواد الخيم الرمضانية يقول رجل الأعمال سعيد علي خبارة: إن السهر أمر حتمي في رمضان، وأتعجب حقيقة من هؤلاء الذين يدعون أن السهر في رمضان أمر سيئ ويلهي الناس عن العبادة، فهذا كلام لا معنى له وبه الكثير من المبالغة، فنمط الحياة يتغير تماما في شهر رمضان من حيث ساعات العمل ومواعيد الطعام، والاهتمام بالذهاب إلى المسجد لأداء الصلوات.
ومضاعفة العبادات وقراءة القرآن، وجميعها تأخذ وقتا كبيرا من اليوم الذي لا تكفي عدد ساعاته لممارسة طقوس الشهر الفضيل مع نمط الحياة اليومي، لذلك يلجأ البعض للسهر وعن نفسي أسهر مع أصدقائي حسب الظروف المتاحة لي وليس بالضرورة أن أذهب إلى الخيم الرمضانية يوميا، ولكن كلما وجدت الفرصة مناسبة، فشهر رمضان شهر خير وبركة ومسرة، وفيه يكثر التراحم والتواد بين المسلمين، وطالما أن الإنسان يقوم بواجباته الدينية كما ينبغي فلا مانع من أن يروح عن نفسه في الالتقاء بالأهل والأقارب خارج إطار المنزل.
وترى ميرا بلقيس طالبة في كلية الهندسة أن شهر رمضان ارتبط في أذهان الناس بالسهر ليلا والنوم نهارا وتحدث تغيرات في نسق حياة المجتمع ككل مما يساعد على السهر خلال الليل حيث تأخر بدء ساعة الدوام صباحا، وامتداد ساعات العمل في المحلات التجارية حتى ساعة متأخرة من الليل، والكم الهائل من المسلسلات في الفضائيات والتي تمتد حتى الصباح، وكثرة اللقاءات الاجتماعية بين الأقارب والأصدقاء حتى ساعة متأخرة من الليل، وهكذا فعدد ساعات اليوم المعتادة لا تكفي لأن يفعل الإنسان طقوسه اليومية في شهر رمضان لذلك يسهر الجميع حتى السحور وصلاة الفجر، وفي رأيي أن السهر يحلو في رمضان.
يقول أحمد علوان موظف في شركة عقارية: لقد ارتبط شهر رمضان في أذهاننا باللمة والسهر، وما أن يبدأ الشهر حتى نبحث مع الأصدقاء أين سنذهب؟ والى أية خيمة رمضانية في الفنادق؟ وهكذا، ونتفق على الالتقاء كل مرة في خيمة مختلفة وهكذا، ولا يتم ذلك بشكل يومي ولكن حسب الظروف، وفي اعتقادي أن السهر حتى موعد السحور من السمات الجميلة لشهر رمضان ولا تتكرر إلا فيه.
ومن أجمل ما يميز الخيم الرمضانية أنها فرصة طيبة لتجمع الأهل والأصدقاء بعد الانتهاء من الصلاة، لتمضية بعض الأوقات الجميلة يتبادلون خلالها الأحاديث ويودون بعضهم البعض ويتسامرون أيضا ويستمتعون بالأجواء الرمضانية التي تطغى على ديكور الخيمة الرمضانية من فوانيس وزينة.
الاستمتاع بأجواء رمضان
ويشاركه في الرأي أخوه المهندس سامر علوان ويقول: لا أفضل البقاء في المنزل بعد صلاة العشاء وأفضل الخروج للاستمتاع بأجواء شهر رمضان خلال الخيم الرمضانية المنتشرة في الفنادق، وأحب لقاء الأصدقاء والاستمتاع بتدخين النرجيلة معهم، وتبادل الأحاديث والاستماع إلى الموسيقى، وهناك منافسة شديدة بين الخيام الرمضانية لاجتذاب الزوار من خلال الأسعار والجوائز وغيرها، ولا أجد السهر في رمضان سلوكا سلبيا بل أنه أمر طبيعي لتغير العادات الفسيولوجية للإنسان من حيث تناول طعامه وغيره.
وتؤكد نور احمد: أن طبيعة الطقس الحار ذي الرطوبة المرتفعة تجعل الناس يتجهون لقضاء أوقاتهم بعد الإفطار في الأماكن المغلقة، ولأن الخروج من المنزل يبدأ بعد صلاة العشاء تقريبا، فإن السهر الذي يمتد إلى قرب موعد السحور أمر طبيعي، وعادات الإنسان اليومية تتغير تماما في شهر رمضان، بسبب الصوم واختلاف مواعيد الأكل والخروج والنوم الذي غالبا يكون بعد صلاة الفجر، وساعات قليلة بعد العودة من العمل، لذلك فالسهر في ليالي رمضان تفرضه التغيرات التي تحدث في سلوكياتنا النمطية التي أعتدنا عليها في باقي أشهر السنة.
وتقول زينه المصري موظفة بقسم الموارد البشرية في إحدى الشركات: إن شهر رمضان مدرسة تربوية رائعة لمراجعة السلوك ومحاسبة النفس، وللصوم انعكاسات نفسية تتضح في تهذيب الأخلاق وتعلم الصدق والصبر وكظم الغيظ والغضب، ويدعونا إلى التراحم والتكافل الاجتماعي والمعاملة الحسنة للآخرين، والسهر في رمضان أمر طبيعي لاختلاف مواعيد الأكل والدوام والتزاور وغيرها.
وما يكتب في الصحف أن الخيم الرمضانية والسهر في رمضان أمر سلبي به الكثير من المبالغة، فغالبية من يأتي للسهر في الخيم الرمضانية يأتي بعد الانتهاء من صلاة العشاء والتراويح، وفي الخيمة يلتقي بالأصدقاء والأهل ويود كل من لم يراه منذ فترة طويلة، كما أن السهر حتى أذان الفجر لقراءة القرآن أمر مرغوب، ولا أرى في السهر أمر خاطئ لابد من محاربته، وليس عيباً أن تكون لشهر رمضان احتفالات دينية واجتماعية أيضا لأنه شهر وحيد ومميز.
شبح الملل والروتين
وتشير المدرسة فرح عيسى إلى تقسيم الوقت في شهر رمضان قائلة: هناك وقت للعبادة وقراءة القرآن والدعاء والتسبيح، ووقت للإفطار مع العائلة، ثم وقت للتسوق أو لقاء الأصدقاء، وغالبا أمضي وقتي بعد الانتهاء من صلاة العشاء مع صديقاتي في الذهاب إلى المول إذا كنا بحاجة لشراء بعض الأغراض، أو نلتقي في إحدى الخيم الرمضانية لقضاء وقت مسلٍ نتبادل فيه الأحاديث.
وغالبا نفضل الالتقاء خارج البيوت كنوع من التغيير لإبعاد شبح الملل والروتين اليومي،وهذا لا يحدث فقط في شهر رمضان بل نمارسه طوال العام في أيام العطل وفي أوقات الفراغ، إلا أن لشهر رمضان متعة خاصة في اللقاءات العائلية والتواصل مع جميع الأهل بدعوتهم على الإفطار أو السحور، أو الالتقاء للسهر في الخيم الرمضانية.
ويقول خضر قاسم، أعمال حرة: غالبا أتلقي بأصدقائي بعد صلاة التراويح في أحد الخيام الرمضانية المنتشرة في الفنادق لنتبادل الأحاديث ونتعرف على أخبار بعضنا البعض، وأحيانا تمت سهرتنا حتى تناول السحور ثم نعود إلى بيوتنا ثانية.


ليست هناك تعليقات: