٢٦‏/٠٨‏/٢٠٠٩

طلابنا يتعلمون في ألمانيا أسرار التكنولوجيا الحديثة




تعتبر طاقات الشباب من أهم الكنوز التي يكون الاستثمار فيها استثمارا في المستقبل، ويكون العمل على تأهيلها وتحفيزها ترسيخا لمبادئ المشاركة الفعالة في عملية التنمية والنهوض الحضاري الذي تسير عليه البلاد بخطى حثيثة.
ومن هذا المنطلق كانت فكرة استثمار جهود المتميزين من أبنائنا الطلاب والطالبات في ابتعاثهم إلى الخارج لاكتساب المزيد من المعرفة والاطلاع على تجارب الناجحين والاستفادة من آخر ما وصلت إليه جهود التطور في شتى الميادين.
وعلى ذلك تم مؤخراً ابتعاث 20 طالبا وطالبة «10 طالبات و 10 طلاب» إلى ألمانيا للاطلاع على صناعة الرقائق الدقيقة حيث تم اختيارهم من مختلف تخصصات كلية الهندسة بجامعة الإمارات العربية المتحدة وكليات التقنية العليا وتم ترشيحهم بناء على المستوى الأكاديمي وإجراء مقابلات شخصية.
ويأتي ذلك ضمن توجيهات الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة رئيس مجلس أبوظبي للتعليم بمنح بعثات التدريب الصيفي لطلبة الجامعات والكليات إلى ألمانيا - درسدن قام مجلس أبوظبي للتعليم بالتنسيق مع شركة استثمار التكنولوجيا المتطورة في ابوظبي، وشركة جلوبال فوندريز في ألمانيا وسفارة جمهورية ألمانيا الاتحادية.
ومكتب رئيس وزراء ولاية ساكسونسيا الألمانية بتنظيم برنامج التدريب الصيفي في مصنع شركة غلوبال فونريز في درسدن- بالمانيا لطلبة الجامعات والكليات 5 أسابيع بدأت في 27 يونيو الماضي وانتهت في 2 أغسطس من العام الحالي، لاكتساب مهارات تصنيع الرقائق الدقيقة.
يقول الدكتور مغير خميس الخييلي مدير عام مجلس ابوظبي للتعليم:
إن هذه المكرمة تترجم رؤية الفريق اول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة رئيس مجلس أبوظبي للتعليم على تشجيع الطلبة المتميزين، وتأهيلهم حتى يتمكنوا من المشاركة في عملية التنمية، وخلق الوعي لدى الطلبة بأهمية خطط التوسع في صناعة التكنولوجيا المتقدمة، واكتساب الخبرة العملية التي تأتي متزامنة مع مشاريع التكنولوجيا المتقدمة التي تقوم بها حكومة أبوظبي.
وأضاف: تلك المبادرة تشجع طلبة الجامعات والكليات للالتحاق بمجال التدريب العملي لإكسابهم الخبرات العملية التي تصقل المهارات الأكاديمية التي اكتسبوها من خلال دراستهم الأكاديمية.
وواصل الدكتور الخييلي حديثه قائلا: تأتي تلك البعثة ضمن برنامج التدريب الصيفي لطلبة الجامعات في درسدن المانيا الذي ينظمه مجلس ابوظبي للتعليم بالإضافة الى مكرمة الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة رئيس مجلس أبوظبي للتعليم هذا العام بابتعاث 600 طالب وطالبة من الطلبة المتفوقين بالصفين العاشر والحادي عشر إلى كل من كندا واستراليا ونيوزيلندا خلال العطلة الصيفية لمدة 6 أسابيع لدراسة اللغة الإنجليزية وتكنولوجيا المعلومات.
واكتساب مهارات القيادة والاعتماد على النفس والاطلاع على ثقافات وحضارات تلك الدول، كما قام مجلس أبوظبي للتعليم بابتعاث 6 طلبة من ذوي الاحتياجات الخاصة (الصم) لاستكمال دراستهم الجامعية في الولايات المتحدة الاميركية للعام الاكاديمي الحالي.
ومنذ بدء برنامج البعثات «الصيف في الخارج» في عام 2006 وهو البرنامج الذي يقام سنويا برعاية كريمة من الفريق اول سمو الشيخ محمد بن زايد رعاه الله بلغ عدد الطلبة المستفيدين من البرنامج 1460 طالبا وطالبة بالإضافة إلى 146 مشرفا ومشرفة.
اختيار المتفوقين
وفي استطلاع راي بعض الطلاب والطالبات الذين شاركوا في البعثة قال المهندس الكيميائي خليفة صالح الحمادي: تم اختيار الطلاب المبتعثين بناء على تقديراتهم المرتفعة وحصولهم على معدل تراكمي يبدأ من تقدير جيد جدا الى امتياز، أي انهم جميعا من المتفوقين دراسيا، إضافة الى اجتياز المقابلة الشخصية، وفي أول أسبوع من برنامج البعثة أخذنا معلومات نظرية عن الرقائق الدقيقة.
وهي رقائق الكترونية تستخدم كمعالجات في جميع الأجهزة الإلكترونية، ويتم تصنيعها باستخدام السليكون عن طريق إضافة طبقات صغيرة جدا لتعطينا تلك الرقائق، وفي الأسبوع الثاني تم تقسيمنا الى مجموعات وأعطيت كل مجموعة اسما خاصا بها، وذلك لتهيئتنا للعمل والدمج بين الأفراد لعمل مشروع نقدمه في آخر أسبوع من البعثة، وقمنا بالفعل بالتدريب العملي وفي نفس الوقت نحضر سويا للمشروع.
ولم تكن بعثتنا علمية فقط بل قمنا بعمل زيارات سياحية الي برلين وبراغ، وقد استفدت كثيرا على المستوى الشخصي من مشاركتي في تلك البعثة حيث تعلمت الالتزام بالوقت فالألمان شعب يقدر الوقت ولا يهدره.
ويعطي كل شيء حقه في وقته المناسب سواء كان العمل أو الدراسة أو الترويح عن النفس، كذلك اكتسبت خبرة جيدة في مجال العمل كمتدرب في المانيا بجانب التطوير الذاتي، والتهيئة المناسبة قبل الالتحاق بالوظيفة وذلك لأنني تعلمت ماذا يعني فريق العمل وكيفية التعاون من أجل مصلحة العمل، وتبادل المعلومات بين المجموعات لتقديم المشروع المناسب عن طريقة صناعة الرقائق الدقيقة والاطلاع على المشروع لإنشاء مصنع للرقائق الدقيقة.
ويؤكد خليفة أن طموحه الذي يتمنى تحقيقه هو أن يشارك في إنشاء مصنع الرقائق الدقيقة في ابوظبي ويكون من الرواد المؤسسين له.
تطوير وخدمة الوطن
ويقول سعود عبد الله الحمادي طالب في كلية التقنية العليا بنين في ابوظبي (هندسة ميكانيكية): استفدت كثيرا من تلك البعثة بمعرفة أشباه الموصلات (الرقائق الدقيقة) التي تدخل في جميع أنواع الصناعات الإلكترونية، وتعرفت على أهميتها وطريقة عملها.
حيث انها مادة أساسية لأي منتج الكتروني، كما أنني تعلمت بطريقة عملية (فكرة عامة) تصنيع الأجهزة الإلكترونية من البداية إلى النهاية، وتعرفت على ثقافة الشعب الألماني وطريقة التعامل معه وكيفية مخاطبته، وزرنا بعض كبار الشخصيات من ولاية سكسونيا، واستضفنا وزيري الاقتصاد والسياحة هناك، وتعلمنا كيفية التواصل مع المسؤولين.
ويعترف سعود بأن تلك البعثة غيرت من تفكيره وجعلته أكثر طموحا وجدية في تطوير وخدمة الوطن، وخاصة إمارة أبوظبي، فقد كان يطمح سابقا في ان يجد وظيفة في هندسة الميكانيكا أو البحث عن فرصة جيدة في شركات البترول، لكنه الان يشعر بانجذاب شديد في العمل مستقبلا في تكنولوجيا الرقائق الدقيقة وتصنيعها في الإمارات، ليكون من أوائل العاملين في هذا المجال.
ويشاركه نفس الرأي صالح ناصر الشملان خريج كلية التقنية العليا أبوظبي (هندسة كهرباء) ويضيف: تلك هي البعثة الرابعة التي أذهب إليها، ومن بعثة إلى أخرى اكتسب معلومات وخبرات جديدة.
إضافة الى تنمية فكري والانفتاح على العالم، وتقبل آراء الآخرين وتبادل المعارف مع جنسيات مختلفة، واكتساب ما هو مفيد، وفي المانيا تعلمت الدقة واحترام الوقت والالتزام بالمواعيد، كما تعلمت كيفية التعامل مع الغرفة النظيفة (كلين رووم) وهي الغرفة التي تضم المعدات والأجهزة الحساسة في إنتاج الرقائق الدقيقة والتي يجب الا يسمح بتواجد الغبار نهائيا فيها، وأن تكون نسبة الرطوبة بها محدودة، وتعلمت طريقة أخذ الرقائق من آلة الى أخرى، وتعلمت الكثير عن تكنولوجيا صناعة الرقائق المتطورة جدا.
تعليم ثقافة العمل
عمران الهاشمي الطالب في جامعة الإمارات قسم الهندسة الميكانيكية يشير إلى أنه استطاع خلال تلك البعثة أن يتعلم الكثير عن ثقافة العمل، حيث طرق صناعة الميكروالكترونك، وخلال خمسة أسابيع تعلم كيف يجمع المعلومات لتطبيقها في المشروع النهائي لبرنامج البعثة، إضافة إلى أهمية العمل الجماعي للوصول الى الهدف المنشود، وهذا ما لم يكن يمارسه من قبل فيقول: كنت أعمل بمفردي في كل شيء، ولم أكن أعرف إيجابيات المشاركة الجماعية.
كما أنني الآن أصبحت أدقق في كل جهاز أراه بعد أن تعرفت على طرق صناعته، وترسخ لدي قناعات مهمة عن أهمية الصناعة وإنشاء المصانع، وتعلمت أن الدقة والإخلاص في العمل يجنب المؤسسة أو المصنع الذي أعمل به الكثير من الخسائر.
ويضيف أخوه عرفان الهاشمي في نفس الجامعة: أعجبتني كثيرا طريقة الشعب الألماني في العمل، وعلاقة التواصل بين المدير والموظفين، وعلاقات الدوائر والأقسام ببعضها البعض حتى أنهم إذا عاني أحد الأقسام من مشكلة تتسارع الباقي في حلها، وهناك يقدس الإنسان العمل ويحبه.
ووافقته الرأي كل من عايشة الحوسني وعايشه المرزوقي من نفس الجامعة وأكدتا على أنهما تعرفتا على تقنيات لم تعلما عنها من قبل، وعادتا من البعثة أكثر حماسا للعمل في هذا المجال واكتشاف جميع جوانبه.



ليست هناك تعليقات: