١٣‏/٠٦‏/٢٠٠٨

راشد المرزوقي.. يجوب البلدان مجبراً بحكم العمل


«لقد أصبح السفر عبئا أضافيا على نفسي لكثرة سفراتي إلى بلدان العالم لزيارة مصانع الأقمشة وتركيب الخامات»، هكذا بدأ المهندس ومصمم الأزياء راشد أمين المرزوقي حديثه معنا، ويضيف: وإذا كنت أداوم في عملي هنا 10 ساعات فهناك أعمل 15 ساعة متواصلة دون توقف.

وبعد الانتهاء من عملي لا أتذكر سوى الضغط العصبي الذي مررت به، فقد زرت آلاف مصانع الأقمشة المتخصصة في العباءات والشيل، وقد يبدو للبعض أن الأمر سهلا إلا أنه في غاية الصعوبة، من حيث التدقيق في الخامات والتركيز على اللون الأسود مع تعدد درجاته. أما إذا سنحت لي فرصة السفر للمتعة والسياحة، فالقاهرة عندي استثناء لأنها أحب المدن إلى قلبي، وبيني وبين أصدقائي في مصر عرف أتبعه كل عام، حيث أذهب لأمضي هناك عشرة أيام أروح فيها عن نفسي وأنسى متاعب العمل، بل واضحك من قلبي منذ لحظة هبوطي من الطائرة وحتى عودتي ثانية إلى الإمارات، هناك اقضي أوقاتا ممتعة لا تحسب من العمر.

فالشعب المصري رغم أزماته الاقتصادية شعب بشوش يضحك دائما قلما تجده عابساً، يعلقون بالسخرية على كل شيء حتى على أنفسهم، ومثلهم الذي يؤمنون به ويرددونه دائما (طنش تعيش تنتعش) وفعلا كما يقال شعب ابن نكتة. والقاهرة مدينة مزدحمة لكن تعليقات الناس من سائقي التاكسي أو مع أنفسهم في الشوارع تجعل هناك ضحكا وبشاشة غير عادية، فمثلا للتغلب على الضيق تجدهم يقولون لك (ربنا على المفتري)، (حكم القوي على الضعيف) وهم يضحكون.

ويستطرد: حي الحسين أجمل الأماكن التي أحب التواجد فيها باستمرار من العصر وحتى وقت متأخر من الليل، هناك وجوه تبتسم لك دون أن تعرفك، أما مسجد الحسين المبني من الحجر الأحمر على الطراز الغوطي فقد بنيت مناراته على نمط المآذن العثمانية. ويشهد المسجد يوم الخميس من كل أسبوع »الحضرة«، وفيها تتلى الأناشيد التي تصلي على النبي الكريم وتطلب المغفرة من الرحمن، حيث يقوم أحد الأشخاص بالإنشاد بطريقة التواشيح ويقوم الحاضرون بالترديد خلفه والتمايل والتصفيق وتطلق النساء
الزغاريد بين الحين والآخر.
كرنفال خان الخليلي
أما حي خان الخليلي القريب من حي الحسين، فيتمتع بوجود كم كبير من الزوار الأجانب بشكل خاص، ويمتاز بوجود بازارات ومطاعم شعبية، ومن أشهر المقاهي قهوة الفيشاوي التي تتصدر خان الخليلي، ويرتادها كل الناس من مصريين وسياح وأجانب وفنانين مصريين وعرب وأدباء، فلا يمكن أن تمر هناك دون أن تجلس بالمقهى وتحتسي الشاي الأخضر قبل بدء جولتك في الخان سيرا على الأقدام.
وفي أزقة خان الخليلي دكاكين كثيرة تعرض بضائع مختلفة تعلقها على بابها، من ملابس فولكلورية، هدايا تذكارية، مسابح، إكسسوارات فرعونية ترتديها النساء كأقراط وأساور ودلايات، وتحف فنية، وكريستالات، ومحلات لبيع الذهب، وعطارون لبيع الأعشاب، وأوراق البردي الفرعونية، وغيرها من الهدايا التذكارية من الأطباق الفضية والنحاسية المنقوشة برسومات فرعونية، أو الإسلامية، وتلك التي تصور أشهر معالم القاهرة من أهرامات الجيزة وغيرها.
وأجمل الأوقات لزيارة مصر بالنسبة لي في الشتاء، ففي الصيف تزدحم بالسياح خاصة الخليجيين، لذلك أجدها أكثر هدوءا في ذلك الوقت، وحقا لم يكذب المثل القائل (اللي يشرب مية النيل لازم يرجع لها تاني) لذلك أجد نفسي منجذبا بشكل دائم لزيارة القاهرة وأشعر بصفاء نفسي يعيد إلى نشاطي للعمل من جديد.
مصانع ومعارض الأقمشة
ويواصل المرزوقي: وتتكرر زياراتي بشكل دائم إلى اليابان والصين وكوريا للتردد على مصانع الأقمشة التي أستوردها، وفي اليابان الكل يعمل بشكل متواصل وهم متجهمون طوال الوقت، ونادرا أن تجدهم يضحكون، كما توجد صعوبة في التفاهم معهم بسبب اللغة، حتى أننا عندما نسير فيها نحمل البطاقات الخاصة بعناوين الفندق أو المصانع وغيرها من الأماكن التي نرغب في زياراتها حتى لا نضيع، وزرت فيها مدينة أوساكا التي تضم أهم الشركات العملاقة في صناعة الأقمشة، والحقيقة أنني لا أستطي
ع المكوث فيها أكثر من 7 أيام بعدها يصاب دماغي بالتوقف من كثرة العمل وجفاف الحياة.
كما زرت مدينة كوبيه في كوريا من أجل مصانع الأقمشة أيضا، وأجمل ما يميز كوريا أن كل شيء لديهم من الألف للياء صناعة كورية، والشعب الكوري لديه عادة عربية جميلة تماما كالبدو عندنا، وهي كرم الضيافة، حيث يستقبلك كضيف ثلاثة أيام ويقوم نحوك بكافة واجبات الضيافة، وذهبت للصين وتحديدا مدينة دومجزاوه لحضور المعارض الضخمة التي تقام للأقمشة.
كما زرت العاصمة الاندونيسية جاكرتا، وذهبت إلى باندج وهي منطقة صناعية، ورغم صناعتهم الفخمة وعملهم 10 ساعات يومياً، إلا أن أنتاجهم نصف هذا العدد من الساعات لأنهم ليسوا منضبطين في العمل مثل اليابانيين، ولابد من وضع خطة محددة يسيرون عليها تماما مثل الإنسان الآلي.
ومن أجمل الأماكن التي ذهب إليها المرزوقي مع عائلته رغبة في الاستجمام شاطئ جولدن كوست في أستراليا. هناك مناظر طبيعية جميلة من شاطئ مياهه صافية ورمال صفراء ناعمة وشمس ساطعة، وطقس جميل، وهو مكان جميل للعائلات وفرصة طيبة للتخلي عن مشاكل وهموم العمل، والمعروف أن أستراليا قارة كبيرة ذات مساحات شاسعة ومناظر طبيعية خلابة، وتستقبل ملايين السياح من شتى أنحاء العالم خاصة من الدول الخليجية.
أميركا بلد الذكريات
أما الولايات المتحدة الأميركية فعشت فيها 6 سنوات من عام 1984م وحتى 1990م، درست في جامعة كولورادو ونلت الشهادة في هندسة الالكترونيات، وقتها كان الشعب الأميركي طيباً ولم يكن ينظر لنا على أساس عرقي وديني. لقد تغيرت نظرته بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، وقتها كان حجم المثقفين 10% تقريبا، لم يكن أحد يعرف من أي بلد أتينا، ولا يعرفون أين يقع الخليج الذي نتحدث عنه ولا يعرفون سوى الخميني.
وهي ولاية تقع في غرب الولايات المتحدة الأميركية، وعاصمتها دنفر أكبر مدنها، وقد اشتق اسم الولاية من كلمة أسبانية تعني »ذو اللون الأحمر« وهو اللون الغالب على رمال الولاية، وفي كولورادو لم اشعر بغربة حيث كان أهلها طيبون، على العكس من نيويورك التي تشعر فيها بالغربة، وتبلغ نسبة السكان العرب في الولاية 05% معظمهم من المصريين والعراقيين، وازداد فيما بعد السكان العرب حسب إحصائيات جامعة دنفر، ويبلغ تعداد المسلمين حوالي 1%.
ويوجد بها عدة مساجد أشهرها مسجد النور في دنفر، والمركز الإسلامي في مدينة بولدر، ومن أهم معالمها جبال روكي الشهيرة والحديقة العامة وحديقة ميسا فيردي وكثبان الرمل العظيمة ومتحف الديناصورات القومي. وقد زرت معظم الولايات الأميركية، والحقيقة أن أميركا بلد جميل وشعبها أيضا طيب، لكنني امتنعت عن زياراتها منذ فترة طويلة كنوع من الم
قاطعة.
زرت جميع البلدان الخليجية ماعدا البحرين، ولم أزر من البلاد العربية سوى مصر، وزرت بلادا كثيرة إلا أنها كانت للبحث عن الأقمشة، وقريبا أحضر لعرضي الأول للأزياء خارج الإمارات وسيكون في روما، فلدي نية منذ زمن طويل لاقتحام عاصمة الموضة العالمية بالعباية والشيلة، وذلك بعد أن قدمت عروضا عديدة للأزياء محليا، حيث اقتحمت هذا المجال كأول رجل إماراتي يعمل مصمم للأزياء منذ عام 1993م من خلال دار سويت ليدي للشيلة والعباية في دبي.
إضاءة
من أشهر الأماكن المميزة لمنطقة الحسين وخان الخليلي مقهى الفيشاوي.. حيث يتوافد إليه المصريون والأجانب من كل بقاع الأرض لقضاء وقت جميل والاستمتاع بليالي الحسين خاصة في شهر رمضان. فمنذ بداية إنشائه في القرن الثامن عشر كان مقصداً لطلاب العلم لاستذكار دروسهم، وملتقى للحركات الطلابية بهدف الإعداد للمظاهرات ضد جيش الاحتلال الانجليزي وكثيرا ما لجأ إليه محبو السهر للاستمتاع بليل القاهرة بعيداً عن قلق وإزعاج الغارات في فترة ما قبل الحرب العالمية الثانية.
وللمقهى شهرة عالمية حيث زارته أوجيني إمبراطورة فرنسا عندما أتت للاحتفال بافتتاح قناة السويس، ونابليون بونابرت، فضلاً عن الفنانين والأدباء والشخصيات العامة التي اعتادت زيارة المقهى مثل جمال الدين الأفغاني والشيخ محمد عبده وعبدالله النديم وسعد زغلول وأم كلثوم، ومن الرؤساء جمال عبدالناصر وأنور السادات والأديب العالمي نجيب محفوظ.

=========================================================

ليست هناك تعليقات: