٢٧‏/٠٨‏/٢٠٠٨

ميزانية الأسرة..حائرة بين رمضان ودخول المدارس



يتزامن قدوم شهر رمضان الفضيل هذا العام مع وقت العودة الي المدارس وبدء عام دراسي جديد، مناسبتان كلاهما تتطلب زيادة حجم الإنفاق عن باقي أشهر السنة،فشهر الصوم هو شهر الخير والبركة وإجتماع العائلة على مائدة واحدة وقت الأفطار بجانب الأهل والجيران،وشهر الصدقة والزكاة وإستقبال العيد بالملابس الجديدة،كذلك لبداية العام الدراسي الجديد والعودة الي مقاعد الدراسة طقوس خاصة تتكرر في كل عام من حيث دفع المصروفات المدرسية وشراء الكتب وكافة المستلزمات الدراسية وغيرها،ويفرض وقوع الحدثين في وقت واحد هذا العام على الأغلبية منا التعامل بالتخطيط المسبق مع معدل زيادة الأنفاق الذي نجد أنفسنا واقعين فيه لامحالة، وكيفية مواجهة الحجم الكبير لتلك المصروفات مع الدخل والأرتفاع الجنوني للأسعار الذي يلتهم المعاش الصغير والكبير أيضا،البعض لجأ للأدخار مسبقا،والآخر أنتمي الى جمعيات والبعض أقترض مبلغا صغيرا من البنوك حتى يفي بإلتزماته المادية .
يقول الأديب حارب الظاهري رئيس إتحاد وكتاب الإمارات:نعم يزداد حجم الإنفاق في شهري رمضان ودخول المدارس، وتزامن الحدثين يجعل ما سوف ننفقه كثيرا ربما ثلاثة أضعاف الميزانية العادية للبيت ، لكننا لانستطيع تفضيل أحدهما على الآخرو ولا تأجيلهما ،لكن غالبا تتدبر الأمور بسلاسة ويسر،فشهر رمضان شهر كرم وخير وبركة،وعن نفسي أجد متعة حقيقية في التسوق لشراء مستلزمات المنزل من أطعمة ولحوم وغيرها،وأفضل أن تكون مائدة رمضان عامرة بالأكلات الخاصة به، كذلك فالبيوت عندنا مفتوحة لإستقبال الأهل والجيران والأصدقاء، بل والذين نعرفهم والذين لانعرفهم على مائدة الأفطار، بجانب ما يوزع على الجيران وللمحتاجين،ولايمكن أن يمر رمضان دون إخراج الصدقة والزكاة،ثم يأتي بعد ذلك إستقبال العيد ولإستعداد له، ولأنه سيأتي في أخر الشهر سيقل العبء المادي، لإننا سنتقاضي المعاشات مرتين الأولى في بداية الشهر والثانية قبل إستقبال العيد،كذلك فالعودة الى مقاعد الدراسة أمر حتمي يكلف ميزانية الأسرة خاصة هؤلاء الذين ينتسب أولادهم الى المدارس الخاصة، لكن لايوجد لدي حل منطقي لإنني لم أفكر يوما بهذا الموضوع يوما وأترك ميزانيتي مفتوحة دون تحديد ، فأنا لا أجيد التخطيط بشأن المادة.

وترى سيدة الأعمال سحر حسب الله أن المصروفات المدرسية أمرا محسوما مسبقا،لأننا غالبا نعرف حجم المال المطلوب منا إنفاقه، إنما ميزانية الإسرة في شهر رمضان أمر يختلف من عائلة إلى أخري حسب العرف السائد لديهم، فهناك من ينفقون كثيرا بسبب عزومات الأهل والأصدقاء على مائدة الإفطار، ومنهم من يتبرع يوميا لإفطار صائم أو عدد منهم حسب مقدرته،وآخرين أعتادوا على توزيع مواد تموينية لبعض الآسر المحتاجة في بداية الشهر،كذلك الصدقة والزكاة مفروضة علينا في ولايمكن تأجيلها،وشهر رمضان شهر له طقوس إحتفالية جميلة من حيث إجتماع الأسرة على مائدة الإفطار يوميا في زمن قلت فرص إجتماع أفراد العائلة بسبب الإنشغال في العمل وغيرها،وهو أيضا فرصة طيبة للتقرب الى الله سبحانة وتعالى بكثرة العبادة وإخراج الزكاة والإكثار من التصدق،ورغم إنني مع زيادة حجم الإنفاق في هذا الشهر إلا إنني ضد الإسراف والتبذير والقاء مايفيض من الطعام في سلة المهملات،لأن هذا السلوك يتنافي مع حكمة الصيام التي تدعونا الى توجيه أموالنا الى أعمال البر والتقوى،وإدخال البهجة للنفوس المتعبة والحزينة .

وتؤكد المدرسة منى التميمي أن تزامن قدوم شهر رمضان مع العودة لمقاعد الدراسة لم يكن أمرا مفاجئا، فالجميع على علم بذلك مسبقا ومنذ أنتهاء العام الدراسي ، وهذا جعل كل أسرة تعمل لنفسها ميزانية بحجم الأموال التي يمكن إنفاقها حتى يدبرون أنفسهم، وبالتأكيد هذا حدث في بداية العطلة المدرسية وقبل بداية عام دراسي جديد،ومن شعر بأن أمواله لاتكفي إستعان بالكريدت كارد وأعتقد إنه حلا مناسبا،فنحن محاصرون بإرتفاعات في أسعار السلع الغذائية خيالية تتضاعف أسبوعيا وربما وصلت الى300% وهو عبء حقيقي على ميزانية الأسر.

وتضيف التميمي وهذا ماجعلنى أشعر براحة في إستقبال الحدثين،فلم أشعر بالإرتباك مطلقا،والذي يجعلنا ننفق أموالا كثيرة في قضاء العطلات بالخارج يمكنا أيضا تدبر الأمر هنا، وربما تكون ميزانية المصاريف المدرسية معروفة مسبقا إنما المصروفات الرماضانية لايمكن حسمها خاصة مع إرتفاع أسعار السلع والذي يتعمده التجار في كل عام.
ويرفض مظاهر المبالغة في الإنفاق في رمضان الإعلامي عبد الرحيم البطيح مدير قسم الأخبار فضائية أبوظبي الذي يقول: أنه من المؤسف حقيقة أن تتضاعف ميزانية الأسرة في شهر الصيام،وعلينا أن نحاول تغيير عاداتنا الإستهلاكية في هذا الشهر وغيره من أشهر العام ، فمعظم الأموال تذهب الي شراء الطعام وكأن الناس يأكلون في هذا الشهر فقط ،وهنا أرى أن هناك ضرورة لتصحيح المفاهيم الخاطئة التي نتبعها،ولكنني مع زيادة الإنفاق إذا كانت تلك الأموال تذهب الى أعمال البر والخير ليستفيد بها فقراء المسلمين،أو بالمساهمة في بناء مدارس ومستشفيات يحتاجها هؤلاء في شتى بقاع الأرض.
(الأمور جميعا يدبرها الله سبحانة وتعالى)هكذا قالت نهال صلاح الدين مسؤولة التحصيل في المصرف العربى للإستشارات والتجارة الخارجية وأضافت تزيد ميزانيتي هذا الشهر بنسبة 1,7 بالنسبة لباقي شهور العام،وذلك لعدة أسباب أولها ان مائدة رمضان عامرة وكبيرة بسبب إجتماع عدد كبير من الناس عليها من الأهل والأصدقاء، كذلك لايمكن أن يتكرر تواجد نفس الطعام الذي أكلناه في اليوم السابق على مائدة اليوم التالي ،لذلك نقوم بالطهي يوميا،ثانيا أرسل يوميا بعضا من طعام البيت للصائمين والذين يجتمعون على موائد الرحمن في المساجد،كذلك الزكاة والتصدق على من نراهم في حاجة الينا، وعن نفسي أنا مع زيادة ميزانية الأسرة في شهر رمضان ولكن أن يكون الأمر مشروطا بإنفاق هذا المال من أجل التقرب الى الله، وليس للأحتفال المظهري فقط ، وهذا ما أحاول فعله،فأنا ضد الخروج بعد العشاء حتى قرب صلاة الفجر من أجل التسلية وإنفاق المال على الجلوس على المقاهي وغيرها،اما بالنسبة للمصروفات المدرسية أجد إنها أمرا تدبرناه مسبقا لإننا نعي أن شهر العودة الي المدارس هذا العام يتزامن مع إطلالة شهر رمضان المبارك.

وبلهجة ساخرة تدخل في الحوار أخوها المهندس أحمد صلاح الدين وتساءل:اية ميزانية تتحدثون عنها،هذا إذا كان لي ميزانية في الأساس، فالغلاء يحاصرنا في كل مكان نذهب اليه بداية من السكن والطعام والمواصلات والملبس والمأكل،والمعاش لايكفي في الشهور العادية فمابالكم بهذا الشهر؟ن حقا لقد اصبحت الحياة غالية جدا وبشكل غير أعتيادي،فهناك كثيرين يعانون من عدم الوفاء بأبسط التزماتهم المادية، رغم إعتقاد البعض أنهم يتقاضون رواتب جيدة،لكن الحقيقة أن تلك المعاشات تطير بسرعة البرق بعد إستلامها من البنك مباشرة.

تقسم نجوى محمد وهي تعمل سكرتيرة في إحدى الشركات الخاصةبإنها تمر هذا الشهر بكارثة حقيقية على حد قولها، أما لماذا؟ فهي تجيب قائلة:لقد عدت منذ أيام قليلة من إجازتي السنوية التي قضيتها في وطني الأم، وقد أنفقت الكثير بسبب شراء التذاكر والهدايا وغيرها، ثم أنفقت هناك مبلغا كبيرا من المال بل وأستعنت ببعضا من مدخراتي بسبب الغلاء الفاحش الذي يجتاح العالم في كل السلع الأساسية ثم عدت وكانت التزماتي تفوق الوصف، فعلي دفع إيجار السكن الذي أخذته على نفقتي الخاصة، ثم مصاريف أولادي الأثنين في المدارس الخاصة، ثم حاليا الإستعداد لشهر رمضان وربما أن مجيئه في أول الشهر فرصة طيبة لإستلام المعاش قبل بدايته،وكنت حائرة بسبب عدم مقدرتي على جمع تلك المبالغ الطائلة، لكنني أستطعت حلها عن طريق إحدى زميلاتي في العمل والتي أقترحت علي أن نبدا في جمعية بين الزملاء والمعارف على أن أكون أول المستفيدين منها.

أما خلفان جمعة موظف في أحدى الدوائر الحكومية فقد حلها بالإستدانه بقرض صغير من البنك قائلا: لا أرغب في الإستدانة من اهلى أو إرغام زوجتي على منحي راتبها،رغم إنها لاتقصر في الإنفاق على البيت إذا أحتاج شيئا، فذهبت فورا الى البنك الذي أتعامل معه وطلبت مبلغا من المال وجدته مناسبا لحل المشكلة،ورأيت في تسديده أيضا سهولة لاتؤثر على سير حياتي ولا ترهقني.
( مصائب قوم عند قوم فوائد)مثل بدات به حديثها المحاسبة أميمة سالم وأردفت: قبل بدأ الموسم الدراسات يبدا التجار بإستعراض أدواتهم المكتبية معلنين عن تخفيضات وعروض خاصة وغيرها، كذلك تفعل محال السوبر ماركت الكبيرة،والمستهلك يشتري ويدفع ويخسر من جيبه ويخسر ماله ويكسب التجار وينتعش سوق البيع، الموظف محاصر بإرتفاع الإيجارات،وزيادة الرسوم المدرسية،وإرتفاع أسعار السلع الأساسية، وإرتفاع ضغط الدم بسبب قلة الراتب .

يقول الدكتور عبد العزيز علي حسن المستشار والخبير الدولي في الإستثمار والتنمية البشرية أن هناك بعض الخطوات يجب إتباعها لضبط الميزانية وذلك من خلال تحديد الأيرادات والتي تتمثل في الراتب الشهري أو الدخل الذي يأتي من عقارات أو أراضي وغيرها،وذلك مقابل بنود الإنفاق وحجم المصروفات الثابة مثل إيجار السكن ،فواتير الهاتف والكهرباء، دفع أقساك مدرسية أو تأمين أو تسديد قرض، السلع التي يحتاجها المنزل من طعام وغيره ، إضافة الى الجزء المتبقي من (مجموع الأيرادات – حجم الإنفاق= الإدخار).
وتعد الميزانية اسبوعيا أو شهريا، أوربع سنوية أو سنوية سواء كانت خاصة بالغذاء والملابس والرعاية الطبية،ثم تحديد بنود الإنفاق للطواريء والإدخار،ثم يأتي بند تحديد الأهداف من الميزانية سواء كانت أهدافا طويلة المدى ـ أو أهدافا قصيرة المدى، وتحديد الأشياء الأكثر أهمية ثم الأقل أهمية وعمل موازنة للميزانية لمعرفة هل يكفي حجم دخل الأسرة الحجم المنصرف أم لا وهذا يمكنا من تقليل بنود المصروفات حسب دخل الأسرة والإمكانيات المادية المتاحة لها .
===========================

منشور في جريدة البيان

ليست هناك تعليقات: