١١‏/٠٦‏/٢٠٠٩

30 وسيلة لإدارة المؤسسات وتجاوز الأزمات



تحتل الرؤى والقيم والمعتقدات قمة اهتمام القيادات الإدارية العليا وهي تدير الأزمة المالية بكافة صورها وألوانها، فالسلطة والقدرة على الثواب والعقاب تنبع من المركز الوظيفي، لكن الثقة والاحترام والقيادة تنبع من الشخصية، فالسلطة تمنح للمدير لكن الاحترام يكتسب مع الوقت، والسلطة تزول مع زوال الوظيفة .

ويبقى الاحترام ما بقي الإنسان، كذلك على الشركات الموازنة بين احتياجات موظفيها وقيمها الداخلية، فموظفو اليوم يعملون من أجل المعنى والقيمة لا من أجل المال والغنيمة في ظل مفهوم انتهاء عهد الوظيفة، وعندما تحدث الأزمات يتقدم الموظفون المحفزون ويتطوعون للمساعدة مهما عظمت ودون أن يطلب منهم ذلك.ويقدم الدكتور أحمد جعفر خبير الإعلام والاتصال الدولي رئيس المنتدى العربي لإعداد القادة بالمملكة المتحدة رئيس مركز العناصر السبعة للاستشارات والتدريب وصفة «روشتة» مكونة من 30 وسيلة لإدارة المؤسسات وقطاع الأعمال لتداعيات الأزمة المالية العالمية وذلك من خلال تجهيز الفريق القيادي الصحيح بصلاحيات واضحة ومحددة.

حيث يكمن الحل في تحديد المشكلة الحقيقية وليس الأعراض، ووضع المؤسسة في أجواء الأزمة، ثم تحديد مجموعة أهداف أساسية يمكن تحقيقها، والتحرك بسرعة، وملء الفاقد من المعلومات بتحديد المصادر، والتفكير في المشكلة من جميع الجوانب ثم تقبل أسوأ الاحتمالات، وإدماج الأعمال ذات الصلة ببعضها البعض وتجنب التشويش الخارجي وتوظيف الإعلام بكفاءة ومهنية للتغلب على شبح الإفلاس واهتزاز الصورة الذهنية للمؤسسة والاستعانة بالله سبحانه وتعالى وعدم السماح لعبارات الإحباط والعجز التسرب إلى نفوس القادة.كما أنه على المنظمات تركيز الجهود لتحقيق هدف واحد كبير، إن تحقيق كل شيء في كل وقت، هي محاولة مصيرها الفشل، فالتركيز يعني أن تعرف نقاط قوتك أو ما يسمى بكفاءتك المحورية وأن تعرف احتياجات عملائك ومن ثم تعمل جاهدا على توظيف تلك الكفاءات لتلبية احتياجات العملاء.
وهنا ينوه د. جعفر إلى إنه إذا سرت على الطريق بلا هدف ستجد من يسيرون وراءك يكررون نفس ما تفعله، وسيقلدك الجميع في ارتكاب الأخطاء، وهذا ليس معناه أن تتخلى عن أبرز سمات الأهداف وهي المرونة، فهي أمر لا مفر منه في ظل عالم يتسم باللامحدودية وبالتالي يجب أن تكون المنظمة أيضا بلا حدود، لأنه إذا سعى كل من في المنظمة لتكون له اليد العليا ستكون اليد السفلى من نصيب الجميع، وستنجح الشركة في تجاوز تداعيات الأزمة إذا استطاعت أن تحول ضمائر (أنا) و (هم) إلى (نحن)، فالعلاقات السوية لا تتوقف عند تنفيذ العقود الرسمية والصلاحيات فحسب بل يصنعها الناس بحسن وإدارة علاقاتهم المتكافئة.
استنفار الطاقات
ويواصل د. جعفر: عندما تختفي العدالة بالجور على حقوق الموظفين تهبط الإنتاجية وهنا لن يقدم الموظفون للشركة أكثر من وقتهم أما جهدهم فيصرفونه على أمور أخرى مثل البحث عن وظائف جديدة وتجهيز سيرهم الذاتية قبل المغادرة، لأن الموظفين يمكن أن ندفعهم إلى الارتقاء دائما إلى مستوى توقعاتنا منهم والعكس صحيح أيضا، ولذلك فإن خلق تحديات جديدة أمام الموظفين وتحميلهم مستويات إضافية يجعلهم يستنفرون طاقاتهم لتحقيق المستحيل خاصة عندما تطل الأزمات بوجهها القبيح على أداء المؤسسات.
ثمة نقطة خطيرة يتناساها قادة الشركات وهي ما يتعلق بتعامل القادة مع الموظفين، ويلفت د.أحمد جعفر إلى أن: موظفيك سيعاملوا العملاء كما تعاملهم أنت، وهنا على القائد أن يقدر التكاليف الخفية لسوء معاملته للموظفين، وبالتالي علينا أن نعلم أن الموظفين غير المحفزين سيعطونك فقط إلى ذلك الحد الذي يجعلك تحجم عن فصلهم أو تسريحهم.
ومن المعروف أن لكل فعل رد فعل، لكن ردود الأفعال في المنظمة ليست فردية، فعندما تمارس الضغوط على أفراد داخل المنظمة فإن ردود الأفعال تأتي من مجموعات، وكما تقوم برعاية المعدات والآلات بالصيانة الدورية للمحافظة على قيمتها يمكن أن تقوم أيضا برعاية المواهب ومحاولات الابتكار، حتى العقول النيرة يمكن أن تصدأ إذا لم توضع في البيئة المناسبة.
ولا يكون التقدم بدون أخطاء، الحذر الزائد للعاملين بعدم ارتكاب أخطاء قد يعني أنهم لا يغامرون ولا يجربون طرقا جديدة، وتنجح المنظمات بجهود الكثرة لا بسلطة وقوة القلة، ففي الماضي كانت الإدارة العليا تتخذ القرارات وكان الموظفون ينفذون، الآن تتخذ القرارات في كل مكان وتنفذ في كل مكان أيضا.
ويشير د. جعفر أنه ما لم تسكن الشركات في عقول ووجدان موظفيها فلن يكون لها وجود، ولا يمكن للهياكل التنظيمية أن تعوض النقص أو تعبر بصدق عن طبيعة العلاقات داخل المنظمة، فهي تقيم الحواجز بين الناس وتعوق الاتصال وتستثير الغيرة والمقاومة.
كما باستطاعة كل موظف أن يقدم شيئا جديدا وأن يساهم في نجاح المنظمة لأن انخفاض الإنتاجية مسؤولية الإدارة وليس مسؤولية العاملين وعندما تباعد الإدارة بينها وبين العاملين فإنها تعزل نفسها عن الواقع.
السرعة والبساطة
البيروقراطية كما يقول جعفر تقتل كل شيء حتى العبقرية، فلا ينبغي أن تسمح لها بالوجود في المقام الأول، فعندما تتراكم السياسات والنظم البيروقراطية يصعب اختراقها، واعلم أن أفضل أسلحتك لاختراق حواجز البيروقراطية هي السرعة والبساطة والتحسين المستمر.
ويؤكد د. جعفر أن إدارة الوقت هو مصدرك الأول للمنافسة وكما تصمم السيارات والطائرات لمقاومة الرياح وتحقيق الميزة التنافسية في السرعة، فعليك تصميم الشركة بحيث تتخلص من كل الأعمال التي لا تضيف قيمة حقيقية، وإذا لم تتقدم إلى الأمام فسوف تسقط إلى الخلف، إدارة الأعمال مثل قيادة الدراجة إما تستمر في الحركة والتقدم أو تسقط مكانك.
الخوف يسمم بيئة العمل ويسهم في القلق والتهرب من المسؤولية
أكد الدكتور أحمد جعفر أن الشيء الوحيد الذي يمكن أن نخافه هو الخوف نفسه، وكما يضر التلوث بالبيئة فإن الخوف يسمم بيئة العمل وسواء كانت مخاوفنا مشروعه أو متخيلة فإن نتيجة الخوف واحدة سيكون لها تداعيات لا تخرج عن إخفاء الأخطاء، قلق، قلة إنتاج، سوء فهم وبالتالي سوء تفسير للحقائق، تسويف وتهرب من المسؤولية.
ويضيف د. جعفر ما لم تتعلم شيئا جديدا كل يوم فإنك تجهل شيئا جديدا كل يوم، معرفة اليوم تصبح عديمة الفائدة غدا وعندما تهتم بتدريب الموظفين فإنك تصطاد عصفورين بحجر واحد، تزيد قدرة المنظمة على المنافسة وتكسب ولاء الموظفين.
وأن الكلام سهل والفعل صعب، الاستقامة تعني الالتزام بالمبادئ في كل الأحوال وتعني أن تتطابق أفعالك مع أقوالك، تخيل نفسك في آخر يوم في الشهر وأرقام مبيعاتك غير مشجعة، هل تلتزم بالتوريد للعملاء في الوقت المحدد ؟، أم ستفكر بالتنصل من وعودك لأن هوامش الربح لم تعد مشجعة؟ هل ستلتزم بمواصلة تدريب الموظفين أم ستقرر توفير تكاليف التدريب لتعويض الخسائر؟
ويواصل د. جعفر: المؤسسات وهي تدير واقعها الداخلي لابد من الاتصالات الداخلية فهي ضرورة وليست ترفا. وتكمن أهمية الاتصالات الفعالة داخل المنظمة في مساعدة الشركة على تغيير ثقافتها واكتساب مواقع جديدة، كما تساعد أيضا على التخلص من العادات الإدارية البالية التي تحول بين المنظمة وبين احتلال موقعها على القمة.
والنظر إلى الأجل القصير يمكنك أن تتجه إليه، إذا كنت تسعى إلى البقاء في عالم الأعمال لفترة قصيرة. القادة الفعليون يفكرون في المستقبل ويعملون لبلوغه يفكرون بالحفاظ على ما في أيديهم قبل أن يفكروا بتحقيق مكاسب جديدة، يقدمون خدمات ممتازة ويبنون علاقاتهم وهم ينوون أن تستمر على الأبد.
والجودة لا تتجزأ، الجودة والتعليم والتدريب والانفتاح والصراحة يجب أن تكون طريقة حياة وليست نتيجة سعي مؤقت للحصول على شهادة الجودة أو مرتبطة بحضور حلقة علمية حول الجودة أو المنافسة. والنزاهة ليست أفضل سياسة، بل السياسة الوحيدة، الناس لا يحبون التعامل مع من يبيع نفس السلعة بأكثر من سعر، ومع من يفشي أسرار عملائه ومع من يقتبس أفكار الآخرين وينسبها لنفسه.
ويجب أن تعرف متى تنسحب بشرف، فهناك أوقات يكون فيها عدم البيع أفضل بكثير ولا يجب أن تلتزم بشروط لا تستطيع تنفيذها وعليك أن تنصح العميل بعدم شراء منتجاتك أو خدماتك إذا كنت تعرف أنها لن تفيده.
وهناك علاقة مباشرة بين الاستقامة ومستوى الأداء في المنظمة، في عالمنا المعقد لابد من وجود عقود موثقة لحفظ الحقوق، لكن التعاقدات النظامية ليست بديلا للشرف والنزاهة، ففي إحدى الدراسات التي أجراها بيت لندن الاستشاري تبين أن المديرين الشرفاء أعلى إنتاجية لأنهم يعملون بضمير ودون خوف أو قلق وهذا يعني أن الاستقامة تساعد على النجاح وتجاوز الأزمات.
وهناك فرق كبير بين التقدم والتحرك، التقدم يعني الانتقال من نقطة (أ) إلى النقطة (ب) بأقل جهد ممكن، التحرك يعني أن تتخبط في اتجاهات شتى تجر ذيلا طويلا وتنوء تحت عبء جسد مترهل وأن تلهث في كل خطوة تخطوها، التحرك يعني أن تجري هنا وهناك لمكافحة النيران، أما التقدم فيعني أن تمد يدك بسلام لتوقد الشموع أو لتطفئها وتنام بسلام.
ومهما قلنا عن أهمية الثقة في الإدارة فلن نفيها حقها، بدون الثقة يصبح النجاح مستحيلا، فالناس يرتقون إلى مستوى توقعاتنا وعندما نثق بهم يصبحون بالفعل أهلاً للثقة.
الاضطراب الاقتصادي يتطلب من الشركات تطبيق أسس جديدة
فرض الاضطراب الاقتصادي على المؤسسات والشركات اتباع أسس جديدة تستطيع من خلالها مواجهة التداعيات والتبعات التي قد تنتج وتتحول إلى مشكلات ربما تعصف بمستقبل أعمال تلك المؤسسات. ومن بين تلك الأسس محاولة تحديد أهداف أساسية تتناسب مع الوضع القائم والبحث عن طرق تمويل بعيداً عن القنوات التقليدية في ظل الشروط الصارمة التي أصبحت تفرضها مؤسسات التمويل وإحجامها عن تقديم القروض.
ويعتبر كبح الإنفاق أيضاً من بين التدابير المهمة التي يجب على الشركات اتباعها مع مراعاة الاهتمام بعدم إخلال توازن في الموارد البشرية. ويرى الخبراء أن واحداً من الأسباب الرئيسية التي تحدث فشلاً في محاولات الخروج من التعثر يتمثل في تطبيق سياسات وإستراتيجيات تستند على مفاهيم قديمة لا تراعي المستجدات التي أوجدتها الأزمة المالية الحالية.
والتي أثرت كثيراً على أنشطة وخطط الشركات. ومن الجوانب المهمة التي يجب على الشركات أيضاً الاهتمام بها في المرحلة الحالية الموازنة بين الاحتياجات والمحافظة على الكوادر البشرية التي ترعرعت داخلها وأصبحت أكثر فهماً باستراتيجياتها وخططها وبالتالي أكثر قدرة على تنفيذها.
والأزمة لا تعني بأي حال من الأحوال وقف عملية تحفيز العاملين لأن أمر مثل ذلك قد يخلق جواً من الإحباط وبالتالي يؤدي إلى تراجع في الإنتاجية تكون محصلته الأخيرة انهيار الشركة.









ليست هناك تعليقات: