٠٦‏/٠٦‏/٢٠٠٩

المدرسون يطالبون بتعزيز الهوية



تعزيز هويتنا الدينية والوطنية في نفوس أبنائنا لا تأتي إلا من خلال الاهتمام بلغتنا العربية لغة القرآن الكريم التي فضلها الله على بقية اللغات من خلال حرف الضاد،اللغة التي تربط بين قلوبنا وتجمع بين ألسنتنا وتمنحنا لغة التفكير والتعبير الواحدة وتلملم فرقتنا لتحتوينا في زمن العولمة والانفتاح على ثقافة الآخر.

ولأن أولادنا يملون مناهج اللغة العربية التي تدرس لهم في المدارس بل ويعتبرونها لغة صعبة مضطرين إلى استذكارها من أجل العلامات التي سيحصلون عليها للنجاح ونيل الشهادة، هنا يجب أن تتضافر كافة الجهود من أجل جذب أولادنا وتحفيزهم إلى تعلم مهارات اللغة العربية بشكل يغلب عليه طابع الترفيه والتسلية وليكن ذلك من خلال مهرجانات كبيرة تقام لهم خلال العطلة الصيفية التي يجد الأبناء متسعا من الوقت للاستفادة والتعلم.

اللغة العربية والمنافسة... ويقول مأمون الصمادي موجه اللغة العربية في منطقة الفجيرة التعليمية: لغتنا العربية تعيش على مفترق طرق لأنها تتنافس مع كثير من اللغات الحية القادرة على إثبات وجودها بحكم ما تتمتع به الدول الحاضنة لهذه اللغات المنافسة والتي تعتبر اللغات الأم بالنسبة لها منافسة لنا باعتبارها مهيمنة على الفكر والاقتصاد والسياسة، ويسهم في هذه المنافسة الشديدة وسائل الإعلام ذات التوجهات الأيدلوجية المساندة للغرب والمتحيزة له. بينما يتقاعس الإعلام العربي في إبراز لغتنا العربية رغم أنها لغة ولادة ولها تاريخ مجيد، لغة كتبت فيها أمهات الفكر والحضارة والعلم والثقافة ويكرس هذا الدور السلبي للإعلام غياب قرار سياسي عربي لتفعيل بنود الدساتير العربية التي تركز على أن اللغة العربية لغة الأمة ويجب أن تكون بصورتها الفصيحة هي السائدة المهيمنة على الإعلام وسائر مؤسسات الفكر والثقافة والتعليم وصولا إلى أن تقف لغتنا بثبات وثقة أمام اللغات الحية المنافسة.
ويواصل الصمادي: أما على المستوى الاجتماعي فقد ظهرت ثمة مشكلات كبيرة تعترض طريق انطلاقة حيوية لهذه اللغة وهي إصرار العرب على توظيف المربيات والخادمات من ذوات اللسان غير العربي فضلا عن شيوع ظاهرة الازدواج اللغوي على ألسنة فئة من الطلاب ونسبة لا بأس بها من المراهقين ثقافيا وفكريا ممن يعتبرون دمج اللسان العربي بألفاظ غريبة عنه سمة من سمات التحضر ودالة من دلالات التميز،مما ينعكس سلبا على تكسير اللغة العربية،هذه الفئة التي يفترض أنها من ستحمل لواء الفكر والثقافة والهوية العربية في قادم الأيام بعض نضجها وتسلمها مهامها في مجتمعاتنا الرسمية والاجتماعية.
مما ينعكس على بيئة الأسرة العربية بما فيها من أطفال أبرياء كالعجينة مازالوا يتشكلون لغويا وفكريا وثقافيا وحضاريا مما شأنه أن يضعف جانب الانتماء لهذه الأمة ولغتها الأم ويخلق عند أطفالنا نزوعا انهزامياً انتكاسياً لمصلحة لغة الغرب المعاصر وثقافته وحضارته.
مما يقتضي منا نحن المعلمين القائمين على تنشئة الأجيال، خاصة ان المعلمين يفتقدون الكثير من التدريب في كيفية تحبيب النشء باللغة وغرس حب المطالعة فيه، ويكتفون بالإلحاح عليهم في الاجتهاد في دروسهم من أجل تحصيل علمي متفاوت الطموح بين حدود النجاح والتميز،وغير قادرين على غرس ثقافة المطالعة أو ثقافة المثاقفة بمعنى التواصل مع الآخر وتجارب الآخرين،وأن يقرأوا باللغة العربية الفصحى وتحفيزهم عندما يتكلموا بها.
أهمية المهرجانات
ويواصل الصمادي قائلا: أولادنا بحاجة إلى إقامة مهرجانات صيفية ينضموا إليها خلال العطلة جزء كبير من أنشطتها لتعليم اللغة العربية من خلال وسائل الحفظ والتعبير عبر اللغة الفصيحة ، ولابد أن تكون المبادرة من وزارة التربية والتعليم ووسائل التنشيط الاخرى التي تختلف عن التعليم لوجود خيارات وبدائل يستطيع الطفل أن يجد نفسه فيها.
ويبتعد عن الصورة الذهنية لدية، كذلك يجب أن تكون تلك المهرجانات بالتعاون مع وزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع لأنها تتمتع بخاصية جذب الأطفال إلى الأنشطة الثقافية غير المنهجية يستطيعوا أن يجدوا فيها ما يرضي احتياجاتهم ويلبي رغباتهم ويعبر عن شخصياتهم، خاصة إذا كانت مدروسة بعناية من قبل متخصيين في تنشيط الأطفال ومراكز الأطفال .
وتؤكد فاطمة الحمادي مديرة مدرسة المشرف الإعدادية بقولها: الأطفال يحبون اللغة العربية ونحن دائما ننمي مهاراتهم في القراءة والكتابة والاستماع، إلا أن الكتابة والمحادثة لديهم ليست بالمستوى المطلوب، وعلينا أن نسعى جديا لتعليمهم ذلك، وهناك توجهات من مجلس ابوظبي للتعليم ومنطقة أبوظبي التعليمية للاهتمام بالهوية والانتماء إلى اللغة الأم، من خلال البرامج المحببة للطلاب.
وأنا مع وجود مهرجان صيفي كبيرا لتحبيب الأطفال باللغة العربية دون أن تكون مرتبطة بمناهج التعليم التي تلزمهم بالدرس والحفظ والاستيعاب من أجل النجاح والتميز في اختبار آخر العام، وأن يستعين القائمون على المهرجان بخبرات موجهي اللغة العربية والمتخصصين من أجل وضع مسابقات مدروسة تنمي مهارات الطلاب وفي نفس الوقت تحببهم في اللغة العربية بأساليب التسلية والترفيه.
انتظار الكعبي مدرسة اللغة العربية في مدرسة إعدادية تقول: نحن بحاجة إلى مهرجان بل والى مراكز صيفية يرتكز نشاطها على تعليم الأطفال اللغة العربية، وذلك بإقامة مسرحيات تعلم الأطفال الحفاظ على قدراتهم الإبداعية ومهاراتهم في اللغة العربية الفصيحة وأن تضم هذه الأنشطة مسرحيات للأطفال، التي من خلالها تشكل للإنسان لغة حوار جادة مع الحياة المحيطة به ومعالجته الدائمة للمشكلات وقضايا المجتمع المختلفة.
ومن أجل تعويد الطفل على مواجهة المواقف الحياتية بشجاعة وثبات وكون المسرح يسعى دائما للارتقاء بمواهب الأطفال والسمو بعقولهم وتفكيرهم نحو غايات أرحب وأوسع ليكونوا قادرين على مواكبة التغيرات العملية المختلفة، فقيام الطفل بممارسة دوره في المسرح كفيل بتدريبه طريقة التعامل مع الآخر كما أنها وسيلة لإكساب الطفل مصادر المعرفة المختلفة.
حيث يتم تحويل المقررات الدراسية إلى ألعاب معرفية يتداولها الأطفال فيما بينهم بطريقة محسوسة ، بالإضافة لتنمية الحس الفكاهي لدى الطفل، حيث يتاح له تقليد حركات الشخصية التي يقوم بها، لذلك يمكن القول إن مسرح الطفل وسيلة هامة من وسائل تنمية لغة الأطفال.
اللغة التراثية
تقول إيمان عقل موجهة اللغة العربية في منطقة أبوظبي التعليمية: ترغيب الأطفال باللغة العربية يتم من خلال المهرجانات الصيفية وتعلم العربية، بأساليب حديثة وضعت خصيصا كالتعلم باللعب والتعلم التعاوني والتعلم الذاتي والتعلم النشط والتفكير الإبداعي، والتركيز على نوعية الأنشطة المبسطة مراعية الفروق الفردية للطلاب، والمشكلة الحقيقية تتمثل في أننا لا نعلم اللغة العربية بالصورة الصحيحة، فالعيب يكمن في النظام التعليمي الذي ينطوي على سلبيات عديدة، منها المنهج الدراسي، الكتب، المعلمون ، أسلوب التدريس.
والاهم من كل ذلك تراجع المناخ المدرسي الذي جعل اللغة العربية ركيزة أساسية في فسحة الهوايات، تلك الفسحة التي تمثلت في جمعيات المكتبة والصحافة والتمثيل والخطابة، فكان الفصل الدراسي يعلم القواعد بينما كانت الجمعيات تبعث الحياة في اللغة العربية عبر الممارسة الحية، كل هذه الظروف تغيرت لأسباب مختلفة.
إضافة إلى أننا نعلم اللغة التراثية لا اللغة العصرية، ولا زال القائمون على المناهج مؤمنين بأن اللغة التراثية هي المدخل، رغم أن اللغة العصرية هي التي يجب أن تكون المدخل لأي عملية تعليمية، فالمنطق يقول أن أبدأ من المعلوم وأنتقل للمجهول، ما يحدث الآن قلب للسلم التعليمي، وبدلا من تعليم الطالب الشعر الحديث لتتشكل ملكاته وقدرته على الاستيعاب تدريجيا حتى يصل إلى الشعر الجاهلي، فإننا نبدأ معه بطريقة عكسية، وهو ما يفاقم الأزمة.
وبدلا من أن نستعين بالوسائل الحديثة في تعلم اللغة نواجه بمدرسين تمتلئ لغتهم بالأخطاء، إذن الحل يبدأ بتغيير نظرتنا إلى العملية التعليمية، مشروع مثل القراءة للجميع يمكن أن يكون مدخلا مناسبا للخروج من هذا المأزق، فاللغة قراءة وليست مجموعة من القواعد، والقواعد تأتي في المرحلة الأخيرة، لكن القراءة سيكون لها مردود مؤكد على تعلم اللغة، لو دعمت بإصلاح المنهج التعليمي.
ويختم عاطف البطل مدرس اللغة العربية موضوعنا بقوله: أعتقد أن على الطلاب حق الاشتراك في المسابقات والمهرجانات، وعلينا أن نزيل فكرة أن اللغة العربية لغة صعبة، وذلك بعدة طرق منها استخدام وسائل التقنية الحديثة والتي بدأ مجلس أبوظبي للتعليم في توزيعها على جميع مدارس إمارة ابوظبي، ثم التركيز على مهارات القراءة والكتابة وخصوصا في المراحل الأولى من التعليم.
صيفنا مميز
أحمد المرزوقي موجه الخدمة الاجتماعية ومنسق البرنامج:
من الأهداف الجديدة لبرنامج (صيفنا مميز) في هذا العام تحبيب الأطفال بلغتهم العربية، حيث نقدم للعام الثاني على التوالي دورة للاهتمام باللغة العربية، وستكون دورة هذا العام تحت عنوان(لغتنا العربية الجميله)، لتحفيز الطلاب في التعبير عن مواهبهم بطرق إبداعية تنمي المهارات وتصقل المواهب في مجال اللغة، مثل تنمية مهارات إلقاء الشعر، التقديم الإعلامي، الخطابة، والعرض المسرحي، وذلك من خلال دقة الأسلوب وحسن الحوار وأسلوب التحدث.
ويهدف البرنامج أيضا إلى تعزيز الهوية الوطنية في نفوس الطلاب، وتنمية الحس اللغوي والأدائي، وتدريب الطلاب على مهارات اللغة العربية، واكتشاف الطلاب الموهوبين في اللغة ، وتوجيه الطلاب المميزين إلى الطرق الفاعلة للاستثمار وتوظيف قدراتهم، وفي الأخير يمنح المشاركون جوائز وشهادات تقديرية، ومن المتوقع أن يضم مركز (صيفنا مميز) هذا العام حوالي 20 ألف طالب وطالبه.





ليست هناك تعليقات: