٠٤‏/٠١‏/٢٠٠٩

المرأة خط الدفاع الأول لمواجهة الأزمة المالية



رغم التفاؤل القوي في أوساط المستثمرين بشأن اقتصاد الدولة، وقدرته على تحقيق معدلات نمو قوية خلال السنوات المقبلة وتجاوز انعكاسات الأزمة المالية الراهنة على الاقتصاد العالمي، ورغم أن الإمارات نجحت في تأسيس اقتصاد قوي يعتمد على تنويع مصادر الدخل الذي يعزز قدرتها على مواجهة التحديات، إلا أن الحديث عن الأزمة العالمية وتداعياتها الاقتصادية على العالم بأسره يشغل الناس في كل مكان، وحيال هذا الموضوع طرحنا سؤالا عن دور المرأة الإماراتية في مواجهة تلك الأزمة.

الدكتورة فاطمة الصايغ أستاذة علم التاريخ بجامعة الإمارات تؤكد أن تلك الأزمة ليست الأولى من نوعها في تاريخ العالم، بل مر العالم بأزمات اقتصادية طاحنة من قبل، فقد سبقت تلك الأزمة، واحدة أخرى عام 1929م، وكانت بسبب انهيارات البورصة العالمية، وأثر ذلك بالطبع على صناعة السلع الاستهلاكية ومنها اللؤلؤ الذي تأثرت به دول الخليج والتي كانت تعيش وقتها على حد الكفاف. وأنا كمؤرخة أنظر الى الأحداث السابقة مؤكدة أن آثار الأزمة الاقتصادية العالمية لن نشعر بها حاليا ولكن ربما نحس بها في السنوات القادمة، فأزمة عام 1929م استمرت على مدى خمس سنوات، والحقيقة أننا شعب اعتاد على الطفرة الاقتصادية والاستهلاك لذلك ستكون المرأة كسيدة أعمال من أكثر الناس تأثرا، وذلك بسبب عدم خبرتها الطويلة كالرجل في سوق المال والبزنس.

ونحن في الإمارات نعيش تبعا لفلسفة («أنفق ما في الجيب يأتيك ما في الغيب»، والأسرة المواطنة بشكل خاص يدها ممدوة في الإنفاق بشكل عشوائي، لذلك لابد من تغيير السلوك الاستهلاكي والاتجاه لتدعيم سلوك الادخار والبعد عن البهرجة والإنفاق في مجالات لا حاجة ملحة لها. لذلك لابد من تكاتف مؤسسات الدولة في تغيير اتجاه السلوك العام، وذلك بإرساء الوعي من خلال وسائل الإعلام والخطاب الديني وغيرها من الوسائل المؤثرة، ففي اعتقادي ان الدول الفقيرة لن تتأثر مثلما سيحدث لنا نحن الذين اعتدنا على البذخ في الإنفاق، وذلك لأن تلك الدول تعيش أزمات اقتصادية دائمة.

التعامل بحذر: وتضيف د. الصايغ: الأزمة الحالية التي تهيمن على اقتصاد العالم بأكمله، يجب علينا ان نتعامل معها بحذر حتى ولو لم نشعر بها في الوقت الحالي، أتذكر أننا كنا نضحك عندما كنا نتابع المسلسلات والمسرحيات المصرية التي كان أبطالها يسخرون من مقولة «أربطوا الحزام، وشدوا البطون» خاصة بعد الحروب التي مرت بها مصر، إلا أنني الآن استطعت فهم المعنى الذي تقصده تلك العبارات. وعلينا نحن أن نشد الأحزمة تحسبا لأية تطورات قادمة ندعو الله أن يحمينا من شرورها، فالأزمة الاقتصادية تهيمن على العالم بأكمله وذلك لأن للاقتصاد العالمي آثار وانعكاسات ستشمل العالم بأسره، وسيظهر ذلك جليا في السنوات القادمة، وفي اعتقادي أن تأثير الأزمة سيأتي من الأعلى للأسفل في طبقات المجتمع، وسيتأثر بها هؤلاء الذين يضاربون في أسواق المال والتجار وأصحاب العقارات من أصحاب الطبقة الوسطى، بينما ربما لن يشعر بها كثيرا هؤلاء الموظفون الذين يتقاضون رواتبهم من الدولة.
وأعتقد ان تلك الأزمة ستستمر كسابقتها خمس سنوات تقريبا، وذلك لرغبة العالم في أن يسترد عافيته، فالاقتصاد مثل الآلة قد تتوقف لكنها تعود لتعمل ثانية لأنها مرتبطة بحياة البشر وتلك سنة الحياة.
دور التوعية
وتؤكد فايزة الزرعوني المير التنفيذي للدعم الإداري في شركة منازل العقارية أن للمرأة دورا كبيرا في مواجهة الأزمة الاقتصادية وذلك بداية من توعية أولادها بالأزمة وتبعتها، فلا بد أن تتغير النظرة الاستهلاكية، حقيقة كما يعلن المسؤولون في أبوظبي إننا اقل الدول تضررا بسبب قوة اقتصادنا، ولكن لا يعني هذا أن نتجاهل ما يحدث حولنا، وعلينا ان ندرك أبعاده وتأثيره على مجتمعنا، وعلينا ان نخطط من الآن كيف نتعايش مع الأزمة.
وذلك بتقليل حجم الاستهلاك وإعادة صياغة الأولويات في حياتنا من حيث الأهم فالمهم، ونحاول إشراك أولادنا فيما يحدث وبشكل مبسط كي يشعروا أن لكل فرد دورا مهما في الأسرة، وأن كل واحد مسؤول للتعامل مع المشكلة حسب دوره وعمره وإمكانياته، واعتقد أن زيادة الوعي لدى المجتمع كله سيزيد من حجم الإدراك والفهم الصحيح للمشكلة.
المرأة وجمالها
وتعترف خبيرة التجميل حياة التميمي أن المرأة الإماراتية تنفق الكثير على جمالها وقد تتأثر مستقبلا من الأزمة الاقتصادية رغم أنها تتخذ مهنتها كهواية قائلة: هناك بعض النساء اللواتي يحملن عبء الإنفاق على الأسرة وهؤلاء حتما سيراجعن أنفسهم للتقليل من الإنفاق على هذا الجانب لأنهن سيعطين الأولوية لمصروف البيت والمدارس والأولاد، وغيرهن ممن يتحملن المسؤولية أيضا إلا أنهن ينظرن الى ميزانية التجميل أنها أمر ضروري لإنعاش نفسيتهم التي قد تكون متوترة وقد يمنحها الاهتمام بنفسها شيئا من التفاؤل والخروج من دائرة الضيق والقلق وهي مستعدة لأن تستلف المال من أجل هذا الأمر.
وهناك مجموعة أخرى من النساء لن تعاني من المشكلة بسبب اعتمادهن في الإنفاق على الزوج أو الأب أو الأخ وهي تجد الإنفاق على جمالها أمرا ضروريا وهاما ولن تفرق معها الأزمة بشكل أو آخر. وتشير المدرسة شيخه محمد الى أن هناك وعيا كبيرا في كافة البيوت الإماراتية بالأزمة الاقتصادية العالمية إلا أن هناك طمأنينة كبيرة بسبب تصريحات المسؤولين بأن اقتصادنا في الإمارات قوي وتقول: لن نشعر بأزمات بإذن الله ورغم ذلك فعلينا ترشيد الاستهلاك وتعليم أولادنا أن يدخروا من مصروفهم ونثيبهم على هذا بشكل أو بآخر ونتبع معهم سياسة الثواب والعقاب، فإذا فعلوا أشياء جيدة كالتفوق الدراسي وغيره نمنحهم المال، ولكن علينا أن نقنن عملية إعطائهم هذا المال دون مناسبة.
ومن الخطأ أن نربك أولادنا بالأزمة الاقتصادية وما يتبعها، لأننا وحتى الآن لا نشعر بها، ولكن علينا أن نحد من إسرافهم في كل وقت وليس وقت الأزمات فقط وهذا أمر صحي يجب أن يتبعوه كمنهاج لحياتهم.
تأثيرات اجتماعية
من جانب آخر يرى الخبير الاجتماعي الدكتور حسن عبيد أنه قد يحدث كنتيجة للأزمة الاقتصادية مجموعة من الأعراض الاجتماعية على مستوى الأبناء كانحرافات في السلوك وقلة الضبط الاجتماعي وينفرط عقد التماسك الأسري وتزيد الجريمة الاقتصادية مثل إصدار شيكات بدون رصيد، والتزوير والسطو والسرقة والاستيلاء على أموال الغير.
وقد تحدث أيضا انهيارات نفسية حسب ما تؤكده إحصائيات مستشفيات الطب النفسي في العالم، ويلجأ البعض الى المستشفيات والصيدليات بحثا عن المهدئات حيال شعورهم بالاضطراب والقلق بسبب الشعور بالمخاطر والخوف من فقدان الوظيفة وعدم الاطمئنان الذي يتسبب في تدني أداء الفرد في وظيفته وفي كافة أمور حياته.
والمرأة تلعب دورا مهما في وقت الأزمة لأنها تتحمل العبء الأكبر في الأسرة وبالتالي فدورها محوري وحيوي، حيث إنها مطالبة بالعمل على المحافظة على توازن الآسرة وتماسكها خاصة إذا فقد الرجل ماله وتجارته، لأنه سنشغل بالبحث عن حلول للمشكلة التي يمر بها بينما هي تقف بثبات من أجل تضميد الجراح والمحافظة على الكيان الأسري.
وأهم ما في الموضوع في الإمارات هو أن تصريحات المسؤولين المطمئنة، كما أن هناك بعض الآراء للمحللين الاقتصاديين تؤكد ان الأزمة ستنقشع خلال الستة شهور القادمة بعد ارتفاع سعر البترول. وهنا يأتي دور الإعلام في بث الطمأنينة داخل الأسرة والمجتمع حتى يزيل آثار الفوبيا التي بدأت تسيطر على كثير من الناس، وأن يوضح أن الأزمة عالمية وآثارها على مجتمع الإمارات بسيطة لأن الاقتصاد لدينا قوي ومتماسك.




============




ليست هناك تعليقات: