٠٦‏/٠١‏/٢٠٠٩

نهاية فارس الأحلام في المستشفى




طوال عشر سنوات مضت لم تشعر يوما بأنها امرأة متزوجة، بل كانت وحيدة دائما، وكثيرا كانت تبكي وهي تستعيد شريط الذكريات، يوم أن كانت طالبة في الجامعة والتقت بزميل لها، أعجبتها وسامته وتمنت أن تكون زوجة له.
تمنت في فارس الأحلام أن يكون زوجا قويا يحميها من غدر الزمان، وأن تكون زوجته التي تمنحه الحب والحنان والسكن والمودة، وأن يكون هو الملجأ الآمن لكل ما يمكن أن تواجهه من مصاعب في الحياة. تزوجته وبدأت تطبق ما رسمته من حياة زوجية ناجحة، تعشق فيها المرأة رجلها وتسعى إلى إسعاده بشتى الوسائل.
سارت أيامها الأولى كفيلم شاهدته من قبل مليء بالرومانسية والحب، والاهتمام بنفسها محاولة إظهار أنوثتها بشتى الوسائل، سواء كان هذا من خلال اهتمامها برشاقتها وزينتها، أو من خلال تعاملها معه بشكل يبجله ويجعله الرجل السيد الذي بيده القوامة، ولا يمكن أن تنافسه المرأة في عرشه مهما كانت أهميتها أو مكانتها الاجتماعية.
ورغم أنه لم يكن بحجم توقعاتها إلا أنها لم تيأس وحاولت أن يكون مثلما تمنت، فقد اختاره القلب، ورغم معارضة الأهل على الزواج منه إلا أنها تمسكت به ورفضت أن يكون هناك بديل سواه. ومع مرور السنوات بدأت تشعر بالإحباط، فلم يكن هذا الرجل الذي حلمت به، فقد أصبح زوجا مملا عاديا منذ السنة الأولى من الزواج، ولم يكن الرجل الذي يبهرها بعلمه وثقافته،
بل كانت تضيق ذرعا بتفاهة نقاشه، ومعلوماته المحدودة، ولم يكن هو الرجل الحنون المحب بل كان باردا في مشاعره، ولم يكن الرجل القوي الذي يمكنه أن يحميها من غدر الزمان وشر «المستخبي»، بل كان رجلا سلبيا يترك لها عظائم الأمور لتواجهها وتتخذ فيها القرارات وحدها.
أنجبت ابنتين كانتا بالنسبة لها الأمل والسلوى، اتجهت بكل مشاعرها وحواسها لتربيتهما وتنشئتهما بشكل جيد كي تؤهلهما لحياة أفضل في المستقبل، وعندما جاء موعد دخولهما المدرسة، اتجهت إليه لتستشيره في أنها تفضل إدخالهما مدرسة تتعلمان فيها اللغات، وبدأت تسرد له أهمية أن تتعلم الابنتان تعليما جيدا، فهذا الزمن يحتاج إلى نوعية خاصة من التعليم وأن الشهادة وحدها لم تعد تكفي، فسوق العمل يحتاج إلى متطلبات ومهارات واكتساب خبرات يجب الإنفاق عليها مسبقا.
ناقشها بإهمال مؤكدا أنه لا فائدة مما تقوله، فالبطالة تملأ الدنيا والكل يتساوى، فلم يعجبها حديثه السلبي اللا مبالي، فهو دائما لا ينظر سوى تحت قدميه، وفي النهاية أكد لها أن تفعل ما تريد ولكن عليها ألا تطالبه بمصاريف المدرسة الخاصة وعليها أن تتحمل وحدها كافة النفقات.
وتجنبا للمشاكل فعلت ذلك وبحب من أجل ابنتيها، وظلت تعمل وتكد وتكدح من أجل الإنفاق على نفسها وعلى أولادها، إلا أنها كأنثى تعبت من تلك الحياة التي تعيشها، فما فائدة هذا الرجل في حياتها، ولماذا يعتبر نفسه قواما عليها وهو لا يعرف ماذا تعني القوامة ولماذا يحاسبها على حركاتها وسكناتها وهو لا يعرف حقوقها عليه كزوجة والتي طالما حاولت تبصيره بها؟.
تحملت فوق طاقتها، ورفضت أن تهدم بيتها، وذات يوم أصيبت بالإغماء، ونقلها إلى المستشفى وقرر الأطباء بقاءها لمدة يومين من أجل إجراء بعض الفحوصات.وفي صباح اليوم التالي أتى الزوج وقبل أن يطمئن على صحتها، سألها أن تمنحه المال حتى يدفع نفقات المستشفى، فأخبرته أن المال في حقيبة يدها في البيت وعليه أن يحضرها لها.
وبالفعل ذهب الزوج وعاد بحقيبتها، ودفع نفقات العلاج، وتهيأت هي للخروج بعد أن طمأنها الأطباء على سلامتها، واصطحبها الزوج إلى البوابة، وقبل أن تتجه إلى سيارته نظرت إليه وقالت له «طلقني»، فكانت صدمته كبيرة، وسألها ثانية عن ماذا قالت فأعادت على مسامعه الكلمة، واتجهت إلى سيارة أخيها الذي كان ينتظرها بصحبته ابنتيها.

====================

ليست هناك تعليقات: