٠١‏/٠١‏/٢٠٠٩

الإيميل الشخصي..صندوق العجائب




كعادتها اليومية بدأت جلوسها أمام شاشة الكومبيوتر تقرأ «الإيميلات» الواردة إليها، وكان صندوق البريد الوارد ممتلئاً بشكل غير اعتيادي، تفحصت أسماء المرسلين وعناوين «الإيميلات» فلم تجد ما هو مهم منها سوى أربعة إيميلات تقريبا.
لقد أصبحت تشعر بالزهق من كثرة الإيميلات التي ترسل بشكل عشوائي لكل الناس، حتى أنها لم تعد تهتم بتفحصها جميعا، خاصة تلك التي يكتظ بها إيميلها ومرسلة باللغة الانجليزية، وجميعها تتبع أسلوبا واحدا وهي أن إيميلها قد فاز بعشرة ملايين دولار أو أكثر وعليها أن ترسل بياناتها الشخصية ورقم حسابها في البنك لإرسال المبلغ، أو أن هناك شخصا ما له مبلغ كبير من الأموال تتجاوز الخمسة ملايين دولار مثلا ويرغب في استخراجها باسم آخر غير اسمه ويريد مساعدة مالية لقبض هذا المبلغ وسيكون لها نسبة مئوية من الأموال.
ورغم أنها مقتنعة تماما بأن الأمر برمته هو نوع من النصب العالمي، إلا أن هؤلاء الناس يرسلون إيميلاتهم بشكل يومي يثير الإزعاج، ورغم أنها وضعت معظم تلك العناوين في البلوك، إلا أن هناك عناوين جديدة ترسل لها يوميا. سألت نفسها بضيق، من الواضح أن تلك الإيميلات أساليب جديدة من النصب الالكتروني، ورغم سذاجة مرسلها، إلا أن هناك من يصدقون بها ويقعون ضحايا لهؤلاء، فقد أخبرها أحد الزملاء عن صديق له يعمل أستاذا جامعيا، أرسلوا له يطالبونه بالمشاركة في أحد المؤتمرات، وعليه أن يدفع مبلغا ماليا كرسوم للاشتراك فقط، ثم وبعد أن قام بتحويل المبلغ اكتشف أنه وقع ضحية لعملية نصب.
قامت بتحويل كل الإيميلات التي تتبع أسلوب النصب إلى الجنك ميل ثم بدأت تتفحص الإيميلات الأخرى المرسلة من المجموعات البريدية. إيميل عن عجائب الصور، فيه صور عن أغرب مطعم وكوفي شوب في الإمارات وقد صمم على هيئة ورشة لتصليح السيارات، وصور أخرى لعارضة أزياء تايوانية وهي طفلة صغيرة تشبه الدمية تماما ويعتبرونها هناك معجزة حقيقية، وصورة أخرى لأكبر خياره في العالم موجودة بالصين، وصورة لرجل سويدي دفع 7. 1 مليون كراون لعمل وشم في وجهه يشبه وجه الشيطان، وصورة أخرى رهيبة لأرضية حمام في بيت رسام يسكن في الدور الثلاثين، والأرضية كأنها منظر حقيقي لبلد ما من نافذة الطائرة.
وإيميل آخر من النوع الاستفزازي الذي يعتمد على معلومات خاطئة أو إشاعات كاذبة يخبرها بأن هولندا تعتزم بث فيلم سينمائي يسيء إلى زوجات الرسول، ويطالب بمقاطعة منتجاتهم ويلح مرسل الإيميل على نشره حتى ينال من ينشره الأجر والثواب، وإيميل آخر ديني يحذر المرأة من نمص الحواجب ويطالبها بالتوبة وأن هناك علاقة وثيقة بين سرطان الثدي ونمص الحواجب، حيث إن نمص الشعرة الواحدة من الحاجب يؤدي إلى تجمد الدم وتأكسده في مكان الشعرة ومن ثم نزوله بعد مدة، وعن طريق خلايا تؤدي مع مرور الوقت ومع تجمد العديد من نقاط الدم الناتجة عن النمص لتحول تلك الخلايا إلى خلايا سرطانية تسبب «مرض سرطان الثدي».
وجاء الإيميل الأخير يخاطب من يقرأه قائلا إذا كنت تشعر بأنك غير سعيد فانظر إلى هؤلاء ثم يشير إلى صورة رجلين يحاولان البقاء أحياء بعد أن أغرق الفيضان مدينتهم ويحمون أنفسهم من المطر بمظلات بسيطة ويحمل أحدهم طفله الرضيع في صحن من البلاستيك على رأسه، وصورة أخرى لطفلة مسكينة تمد يدها للشحاذة من المارة وقد علق على الصورة «إذا كنت تعتقد أن راتبك ضعيف فانظر إلى هؤلاء»، وصور عديدة لأناس بؤساء حول العالم ثم يختتم الأيميل «هل مازلت تشكو وتتذمر؟ راقب من حولك وكن شاكرا على ما لديك في هذه الحياة الزائلة، نحن لدينا أكثر جدا مما نحتاج لنكون قانعين، دعونا نشكو أقل ونعطي أكثر».

=================

ليست هناك تعليقات: