٠٥‏/٠٥‏/٢٠٠٩

صورة المرأة في الإعلام سلبية ونمطية ورمز للإثارة - 3


ضمن أوراق العمل التي قدمت إلى منتدى المرأة والإعلام العربي، قدمت الدكتورة أمينة خميس الظاهرى الأستاذة في جامعة الامارات ورقة بحثية حول صورة المرأة في الاغاني الشبابية العربية والخليجية.. الفيديو كليب، وقد أوضحت أن أغانى الفيديو كليب الحديثة أو ما تسمى بالاغاني الشبابية واحدة من أهم مواد التسلية والترفيه في وسائل الاتصال المرئية والتي انتشرت منذ عشر سنوات تقريبا، وان هذه الاغاني أصبحت تنتشر بشكل كبير فى المحطات المرئية وبشكل خاص المحطات الفضائية، وبجانب انتشارها في كافة القنوات فإن هناك قنوات مخصصة فقط لهذه النوعية من الأغاني.
وتنتشر أغاي الفيديو كليب في الوطن العربى مثله مثل باقي المجتمعات الانسانية الاخرى المتأثرة بالثقافة الغربية في كثير من جوانبها، ودول الخليج العربي ليست بمنأى عن باقي الدول حيث تنتشر فيها ظاهرة الفيديو كليب، بل ويتم انتاج وتصوير وبث هذه الاغاني عبر محطات التلفزيون بشكل مستمر ومتزايد، ويحرص المطربون الخليجيون، المشهورون وغير المشهورين، على تصوير أغانيهم على طريقة الفيديو كليب الغربية مستخدمين كل وسائل التكنولوجية الحديثة، واستخدام المرأة في الفيديو كليب يعتبر واحدا من أهم الادوات والاساليب التي تساهم في نشر هذه الاغاني ونجاحها، كما يرى بعض مخرجي هذه الاغاني الشبابية. ويمكن اعتبار استخدام المرأة في هذه الاغاني ظاهرة جديدة نوعا ما في الوطن العربي وخاصة في دول الخليج.
اختلاف البيئة العربية
وتم اختيار أربع عشرة أغنية من أغاني الفيديو كليب العربية الخليجية لتحليلها في هذه الدراسة التي استهدفت المرأة العربية التي تعيش ضمن ظروف مختلفة عن ظروف المرأة الغربية التي حاولت الرؤى الغربية دراستها وتحليلها. هذا الاختلاف بين المرأة العربية والمرأة الغربية جعل من الصعب تطبيق النظريات الغربية على وضع المرأة في المنطقة العربية بشكل عام. ولكن حتى الآن لم تظهر ما يمكن أن نسميه نظرية نسوية عربية وأنما هناك محاولات كثيرة لعدد من الباحثين والباحثات العرب الذين حاولوا بشكل أو باخر تفسير وضع المرأة العربية. منطلقين من مرتكز يقوم على مرجعية أن المرأة العربية لها ظروف وعادات وقيم ومعتقدات تختلف في مجملها عن المرأة الغربية. ولذلك تطلب الامر دراسة وضع المرأة العربية ضمن هذا السياق وهذه الظروف.
وخرجت الباحثة بعدة نتائج أولها يتعلق بصورة المرأة، ويمكن تقسيمها الى ثلاثة أنواع المرأة الموديل، التي تمثل دور المحبوبة التي يتغنى لها المطربون، والمرأة المطربة التي تقوم بأداء الاغنية بنفسها، وأخيرا المرأة المشاركة، التي تشارك فى هذه الاغاني ولا يكون التركيز عليها وأنما تكملة عدد كما يقال، مثل المرأة التي تكون ضمن الفرق التي ترافق المطرب أو المطربة أو ما يسمى بلغة أهل الفن الكومبارس.
وظهرت المرأة في الاغاني التى يؤديها رجال في معظمها، في شكل وملامح امرأة غربية من حيث لون الشعر الاشقر والعيون الملونة وهي امرأة شابة يتراوح عمرها بين 20 - 25 سنة، وأغان ظهرت فيها المرأة بملامح عربية ولكن بملابس غربية أو ظهرت بملاح عربية وترتدي الملابس العربية الخليجية التقليدية.
تعميم النموذج الغربي
كما أن معظم هذه الاغاني أظهرت المرأة في ملابس من العصر الفكتوري الذي لا يمت للمجتمع العربي بأى صلة. كما تظهر المرأة في معظم هذه الاغاني بملابس غربية عصرية كالبنطال والجينز والقمصان القصيرة وتقوم المرأة باستبدال ملابسها في الاغنية الواحدة أكثر من مرة وكأنها في عرض للازياء. يتضح من هذا أن النموذج الغربي سواء في شكل المرأة أو ملابسها. هو النموذج المطلوب والمعمم والمنتشر عبر وسائل الاتصال الجماهيري والتي تسعى النساء العربيات إلى تقليده باعتباره النموذج العصري المطلوب. وتجتهد وسائل الاعلام في إقناعنا بأنه النموذج الاجمل والذي يجب أن يحتذى به مثل باقي نساء العالم الاخريات. مما يهدد بفقدان هوية المرأة العربية في ظل تيارات العولمة التي بدأت تغزو المجتمعات العربية.
ولم تظهر المرأة في هذه الاغاني وخاصة المرأة الموديل بتأدية أي دور يذكر فهي في العادة تصور على أنها المحبوبة التي يغني لها. وبالتالي فدورها ينحصر في العرض والوقوف أمام المطرب الذي يفترض أنه يغني لها. أما بالنسبة للمرأة المشاركة فانحصرت أدوارها في الرقص في أغلب الاحوال أو تأدية أدوار مهمشة جاءت لتخدم الخلفية التي أرادها مخرجو هذه الاغاني. ومن المعروف أن الراقصة مهنة مرفوضة في المجتمع العربي وهناك نظرة اجتماعية دونية للمرأة الراقصة. ويتضح من هذا أن المرأة في أغاني الفيديو كليب ليس لها دور فاعل وأنما هي جزء من ديكور الاغنية باستثناء المرأة المطربة التي يكون دورها الاساسي هو الغناء.
وظهرت المرأة في بعض هذه الاغاني في لقطات غير واضحة وضبابية، وفي لقطات أخرى كانت تختفي وتعود كالحلم. مما يعني أن المرأة بشكل عام غير واضحة وغير مباشرة ويكتنف شخصيتها الكثير من الغموض. وفي كثير من لقطات الاغاني استخدمت الصور القريبة للتركيز على أجزاء من جسد المرأة كالعيون والشفاه والشعر والوجه بشكل عام، وكل الاجزاء التي تم التركيز عليها هي عبارة عن دلالات على جمال المرأة فالشعر كما نقول في لغتنا العربية تاج المرأة وسر من أسرار جمالها.
ويتضح من هذا كله أن صورة المرأة في أغاني الفيديو كليب هي صورة نمطية تنظر للمرأة كجسد جميل وجذاب. كما أن هذه الاغاني تساهم في تهميش المرأة ودعم النظرة التقليدية لعمل المرأة ودورها في الحياة العامة حيث انها خلقت لتكون رمزا للجمال.
أما المجال الثاني وهو الاشياء التي رافقت ظهور المرأة في هذه الاغاني، كالبحر أو الماء وهذا التلازم في الظهور بين المرأة والماء أو البحر يحمل معنى يمكن تحليله على أن الماء هو مصدر للحياة والبحر بالذات كان مصدر رزق لابناء الخليج حيث كانوا يعتمدون عليه في معيشتهم قبل مرحلة النفط. وفي نفس الوقت اعتبر البحر مصدر خوف وموت. فالبحر بحجمه وسعته كان كثيرا ما يبتلع هولاء البشر والخليجيين عانوا كثيرا من عملهم في البحر وابتلع الكثير من رجالهم. هذه الصفات المتناقضة التي يحملها البحر من أنه مصدر للرزق ومصدر للموت في نفس الوقت يتشابه كثيرا مع المرأة التي هي مصدر للحياة والحب وفي نفس الوقت هي مصدر للعذاب.
المرأة ورد ونار
النار أيضا من الاشياء التي رافقت ظهور المرأة في هذه الاغاني وهناك تشابه كبير بين النار والمرأة. فالبرغم من فائدة النار الكبيرة إلا أنها شيء خطير وقاتل. فالنار مصدر الدفء والمرأة مصدر الدفء والحب والحنان للرجل والاسرة، ولكنها أيضا مصدر للعذاب. فالرجل يكتوي بنار حبها ويحترق قلبه شوقا إليها ويصبح هذا الحب خطرا كالنار حين تتلاعب المرأة بقلوب محبيها.
والورد هو الاخر من الاشياء التي عادة ما تصاحب ظهور المرأة. فالورد من الرموز الجميلة، والمرأة الجميلة عادة ما توصف بالوردة في الثقافة العربية. كما أنه رمز للنعومة والرقة وهذه صفات تشترك المرأة فيها مع الورد. والخيل من الحيوانات التي ظهرت في هذه الاغاني ومن صفات الخيل الجمال وعادة ما توصف المرأة الجميلة بالفرس أو الخيل. ولكن الخيل ليست حيوانا سهل الانقياد كذلك المرأة ليس من السهل قيادتها فهي بحاجة الى خيال وفارس متمرس.
والسيارات الفارهة مثل الروز رويس أو بي ام دبليو من الاشياء التي رافقت ظهور المرأة في بعض هذه الاغاني. فالمرأة تحب الاشياء الغالية الثمن وتهتم كثيرا بالمظاهر، وهنا تدعيم للصورة النمطية المتعارف عليها عن المرأة من حيث انها متهمة بالتبذير. وهي عاشقة للمظاهر وتصبو دائما الى الماديات.
وكان المجال الثالث هو لغة الاغاني، حيث تتركز فكرة الاغاني هذه في مسألة واحدة هي علاقة الحب التي تربط المرأة بالرجل. هذا الحب الذي ينساب من قلب الرجل الى المرأة المحبوبة سواء كان هذا الحب متبادلا أو من طرف واحد. ومن هنا فإن المرأة في هذه الاغاني هي الهدف والقصد. لذا زخرفت الكلمات بالكنايات والاستعارات التي عبر فيها كاتبو الاغاني عن شعورهم تجاه هؤلاء النسوة اللواتي أحبوهن، وفي تحليل لكثير من كلمات وعبارات هذه الاغاني وجدت الباحثة الكثير من الامثلة على الاستعارة والكناية التي استخدمت لوصف المرأة. ويمكن تقسيم الوصف هذا الى نوعين. نوع اهتم بوصف شكل المرأة وجسدها ونوع اخر اهتم بوصف أخلاقيات المرأة وتصرفاتها.
وكانت هناك أمثلة عديدة لوصف شكل المرأة الخارجي تضمنتها كلمات هذه الاغاني واستخدمت الكناية والاستعارة فيها، كما تحدثت كلمات هذه الأغاني عن جمال جسد المرأة بشكل عام، اما عن الصفات الأخلاقية فقد حفلت كلمات الأغاني بكثير من الصفات التي حددت ملامح شخصية المرأة بشكل عام. ولم تخرج هذه الصفات عن النظرة النمطية للمرأة، فالمرأة العربية في هذه الأغاني هي امرأة غادرة ولعوب تلعب بقلوب محبيها، وتغدر بهم دونما سبب.

============

ليست هناك تعليقات: