٠٦‏/٠٥‏/٢٠٠٩

صورة المرأة في الإعلام سلبية ونمطية ورمز للإثارة-4

رغم وجود كتاب خليجيين استطاعوا طرح قضايا المرأة الخليجية مثل العنوسة والتفكك الأسري والطلاق والعمل وتعدد الزوجات والتفكك الأسري، إلا أن هناك الكثير من المشاهدين يرون أن صورة المرأة في الدراما الخليجية سلبية وتعتمد على المبالغة والتهويل وتتناقض مع الواقع.
الفنان الدكتور حبيب غلوم مدير الأنشطة الثقافية والمجتمعية في وزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع يقول: الإعلام يواكب تطورات العصر ومع تعدد المشاكل الاجتماعية التي طرأت في الآونة الأخيرة كنسب الطلاق المرتفعة في المجتمعات الخليجية «خاصة الإمارات» وذلك بسبب انفتاح مجتمعنا على الآخر بشكل كبير، ففي الأمم المتحدة نجد أن الجنسيات المسجلة عندهم تقريبا 185 جنسية.
نكتشف أن الجنسيات المسجلة في دبي تتجاوز المائتين وهذا يعني أن هناك نسبة 20 جنسية لم يتم تسجيلها في الأمم المتحدة بعد رغم أنهم متواجدين عندنا في الإمارات، فعندما تكون نسبتنا نحن الإماراتيين لا تتعدى 10% فهذا يخلق عدة إشكاليات، ويجعلني أتصور أن هذا يؤثر سلبيا على الأسر الإماراتية، لذلك فمهمة الإعلام أن تسلط الضوء على المشاكل وهي كثيرة سواء الطلاق، قضايا المحاكم وغيرها.
المبالغة وتضخيم الأمور
والإعلام بالفعل يتناول تلك القضايا ولكن بكثير من المبالغة والتهويل لأنه يرغب في تحقيق السبق سواء كان في مسلسل أو جريدة أو تلفزيون، لذلك يقع على الإعلامي دور كبير في تكبير المشكلة أو تناولها في حجمها الحقيقي دون مبالغة، لأنه عندما يتلقى الآخر والذي لا يعيش في مجتمع الإمارات تلك المشكلة يعتبرها قضية منتشرة عندنا، فالإعلام الغربي مثلا يتحدث فقط عن الظواهر وتفشيها في مجتمعاتهم وتلك هي المشكلة الموجودة في الإعلام العربي وهي تضخيم الأمور ودائما ننشد السبق على حساب المجتمع.
ويواصل غلوم: وللأسف أن وسائل الإعلام لم تقدم المرأة بشكل صحيح، ففي الإمارات تبلغ نسبة تعداد المرأة إلى الرجل تقريبا خمسة إلى واحد، وكان من المفروض أن يلعب الإعلام دورا أكبر في التركيز على الجوانب الإيجابية وهي موجودة بالفعل، فمن المعروف أن الدراما تعتمد على عنصر قوة الحدث والحبكة.
ولابد أن تستند على شيء غير مألوف وبالتالي تكون هي العنصر الرئيسي الذي يعتمد عليه المسلسل الذي لابد وأن تتوفر فيه عناصر التشويق والمبالغة والافتراء حتى يصدق الناس ويتابعون، وهذا يسقطنا في متاهة تهويل الأمور وتضخيمها على حساب المتلقي، لذلك وبعد الانتهاء من عرض أي مسلسل خليجي يتساءل الناس «هل من المعقول أن تلك المشاكل موجودة في مجتمعنا ونحن لا ندري عنها ولا نلمسها في الواقع؟)».
ورغم أن المرأة الإماراتية امرأة مؤثرة جدا في مجتمعها إلا أن الدراما المحلية ركزت على المرأة الخائنة والمطلقة، ولا يوجد حل وسط للمعادلة، فمن المفروض أن تسلط الدراما الضوء على عائلة سعيدة مترابطة بجوار عائلة أخرى تعاني من المشاكل حتى يظهر الفرق، لكن الذي يحدث أن الدراما تركز على 10 عائلات جميعها لديها مشاكل وسلبيات، وأصبحت المرأة في الدراما الخليجية عبارة عن نكد ومصايب ومشاكل وعويل وتطرف في تناول الفكرة.
كما أن البرامج التي توجه للمرأة للأسف فيها تطرف للسطحية والشكل على حساب المضمون والواقع، فنحن نرى أن هناك برامج تحل مشاكل 5% من المجتمع، بينما تستعرض المسلسلات نماذج لـ 5%، وهناك 90% لا أحد يسأل عنهم، والمرأة في مجتمع الإمارات تلعب دورا كبيرا ويكفي أنها تربي الأولاد وأن مستقبل الإمارات بعد 10 سنوات سيكون من صنع المرأة لأنها المدرسة الأولى، بعد انصراف الآباء عن مسؤولياتهم المنزلية بشكل قهري إلى البحث عن تحسين الوضع المادي للأسرة.
الدور التوعوي للإعلام
ويضيف غلوم: «نحن نؤمن أننا كنا مجتمعا بسيطا وفجأة أتتنا الحداثة على غفلة فصار لدينا نوع من عدم التوازن، وبالذات لدى المرأة وهذا يختلج شخصيتها في التساؤلات التي تطرحها على نفسها.. هل أعمل أم أربي أولادي؟ أؤكد ذاتي أم أتنازل بعض الشيء من أجل بيتي وزوجي وأولادي؟
وهنا يأتي الدور الإعلامي في التوعية، فمعظم النساء يعشن وهن غير مدركات لأبعاد الوضع الحالي الذي لابد من تركيز وسائل الإعلام عليه، وقبل ذلك لابد أن تعي المرأة إلى أين هي ذاهبة؟، فهناك أقلية يعلمن مسؤولياتهن وحدود طموحهن الذي لا يتعدى حدود العائلة وهناك من يجمع بين كل شيء وهذا هو الطريق الصعب.
وفي تصوري أن وسائل الإعلام المقروءة ليست أفضل حالا، فالصحف لا تهتم بشكل كبير لا بالمرأة أو الرجل، بل تهتم بالسياسة والاقتصاد والرياضة على حساب الأمور الاجتماعية، أما المجلات فهي البومات صور وتشاهد ولا تقرأ، والمفروض أن الإعلام كمؤسسات تنورية أن لا ينحصر دورها في ذلك بحجة أن «الجمهور عايز كده» فمن المفروض أن هناك سياسة عامة للدولة يجب أن يكون الأعلام ضمنها، لكن الدولة رفعت يدها عن الإعلام.
ولا أتحدث هنا عن الرقابة بل يوجد خطوط حمراء يجب أن نحافظ عليها، وأن تسترجع الدولة هيبتها وسيطرتها على وسائل الإعلام، فحتى هؤلاء الذين صنعوا الحرية في الغرب قننوها، فلديهم رقابة على ما يبث في أوقات معينة ووضع التحذيرات للأعمار، حتى لا يراها الأطفال أو المراهقون.
برامج قليلة
الفنانة الكبيرة سميرة أحمد ترى أن هناك برامج تتناول قضايا المرأة إلا أنها قليلة تغلب عليها الموضوعات التي تهتم بالأزياء والتجميل، وإننا بحاجة لتزايد نسبة الموضوعات التي تطرح المشاكل وتساهم في حلها خاصة المرأة كزوجة وأم وأخت، أما عن صورة المرأة في الدراما الخليجية فتقول: أعتقد أن هناك كتابا أمثال جمال سالم وواد الكواري استطاعا أن يطرحا قضايا هامة تخص المرأة مثل العنوسة والطلاق والوظيفة وتعدد الزوجات والتفكك الأسري.
ومن الظلم أن نعمم أن صورة المرأة في الدراما سلبية دائما رغم أنه من المقبول أن تسلط الدراما الضوء على الجانب السلبي لتقوم بتعريته وتتركه للمشاهد ليضع بعض التصورات والأفكار والمقترحات لمواجهة تلك الظواهر لأنه ليس من دور الدراما أن تطرح الحلول.
وأعيب على المرأة هنا أنها هي التي سمحت لنفسها بأن يتم استغلال أنوثتها بهذا الشكل المهين في وسائل الإعلام، لذلك لا أعفيها مما يحدث، فللأسف أصبحت صور وأخبار الممثلات والمطربات موضة تعج بها وسائل الإعلام العربي وكأن الدنيا لم يعد يشغلها سوى هؤلاء خاصة هؤلاء اللواتي لا يملكن أدنى موهبة سوى استعراض مفاتنهن الأنثوية، وللأسف حقا أن هذا الجيل لا يقرأ بل يكتفي بالمشاهدة.
المظهر والجوهر
الفنان إبراهيم سالم يقول: للأسف أن الممثلات في الدراما الخليجية بشكل عام يرفضن أن يؤدين الشخصية بأبعادها الحقيقية والمقنعة، وليس لديهن الإدراك والوعي أن يمثلن الأدوار التي تتطلب ظهورهن دون مكياج، رغم أن سيناريو العمل يختلف تماما في أبعاد الشخصية التي تقوم بتجسيدها الممثلة، وهنا أقول ليتنا نتعلم من الأجانب في هذا الموضوع بالذات، فالممثلة في الأفلام الأجنبية مقنعه لأنها تؤدي الدور كما كتبه السيناريو تماما بجميع أدواته لذلك هن مقنعات بالنسبة للمشاهدين عن الممثلة العربية التي ربما .
وهي غارقة في الماء تصر على وجود رموشها الصناعية ومكياجها الصارخ وشعرها الصناعي المحافظ على شكله مهما تغيرت الأحداث، وللأسف فوسائل الإعلام جميعا تروج دائما أن المرأة كائن ضعيف رغم أنها على العكس من ذلك فقد خلقها الله سبحانه وتعالى أكثر قوة من الرجل بدليل أنها تتحمل تعب الحمل وآلام الولادة، والمؤسف حقا أن هذا النموذج سيكون مثالا يحتذى به من قبل الفتيات الصغيرات سنا مما يؤثر سلبيا على ثقافتهن واتجاهاتهن المستقبلية في المجتمع.
كذلك فمعظم البرامج التي تطرح قضايا المرأة تدور حول فكرة واحدة وهي أن هناك فريقان متنافسان يمثل المرأة والرجل، وكأن هناك تعارض من تكامل هما سويا وعلى كل فريق أن يحارب الآخر من أجل الانتصار عليه.ويواصل سالم: القضية من وجهة نظري أنه لا توجد رؤية محددة للإعلام العربي.
المرأة السلعة
الأديبة القاصة أسماء الزرعوني تقول: للأسف أن المرأة في وسائل الإعلام هي سلعة وتم تقديمها بشكل لا يتناسب مطلقا مع عاداتنا وتقاليدنا وديننا، والمرأة المثقفة ذات المكانة الوظيفية والفكرية غير موجودة ولا يتم تسليط الضوء عليها، وأعتقد أن المرأة هي المسؤول الأول عن استغلالها بتلك الطريقة المشوهة عندما قبلت بنفسها ودون ضغوط من أحد، وعندما نراها في وسائل الإعلام كديكور وتجميل مع تغافل دورها الإيجابي والمكانة التي وصلت اليها في المجتمع.
وأن المرأة في وسائل الإعلام جميعا هي أداة للترويج التجاري والمظهري ويظهر ذلك جليا على أغلفة المجلات أو في الإعلانات وغيرها، فالمرأة فقدت احترامها لأنها ساهمت في ذلك الدور.
وهذا انعكس أيضاً على دورها في الدراما الخليجية التي تقدم نماذج مبالغ فيها وبعيدة عن الواقع، وفي النهاية لابد من التركيز على الدور التوعوي لوسائل الإعلام ولابد من تدخل الدولة حتى نحمي الأجيال القادمة مما يبث لهم في ظل وجود ضوابط حتى على المواقع على الإنترنت.
=============

هناك تعليق واحد:

Mohamed Al-Ashry يقول...

رائعة مدونتك وموضوعاتك أستاذة إيمان
جميل جداً، وعميق، وحيوي ما قرأته لك هنا
سأكون هنا، كلما احتجت إلى شيء جاد، ومؤثر، وحي
أمنياتي بالتميز الدائم
أحييك