٠٥‏/١٢‏/٢٠٠٨

ناعمة الحوسني .. فنانة ترسم بالذهب والألماس والأحجار الكريمة








ولدت ناعمة الحوسني لأم تعشق المجوهرات وتقتني منها كل نفيس ونادر، ونالت الدعم والتشجيع من والديها وزوجها.

وكانت الإبنة تنظر دائما بعين الإعجاب لاختيارات والدتها للحلي الذي تتزين به، وذات يوم ودون أن تدري أمسكت بأحد الأطقم الخاصة بوالدتها وأخذت تفصل القطع عن بعضها وفككتها بشكل أثار غضب والدتها التي شعرت بالإنزعاج من السلوك اللا مسؤول لإبنتها، وقامت بتعنيفها إلا أن الأبنة أخبرتها بهدوء إنها ترغب في إعادة صياغة هذا الطقم بشكل أجمل.

ورغم ضيق الأم من ابنتها إلا أن الوالد رحب بالفكرة وسألها عن شكل التصميم الذي تفضله، وبالفعل قامت بوضع تصميم جديد على الورق وطلبت من والدها أن يذهب الى أحد محلات الذهب ليقوموا بصياغته من جديد، وبحنان الأب الذي أدرك منذ البداية أن لإبنته ميولاً فنية يجب ان يقدرها وينميها، لم يعنفها ولم يرفض طلبها بل نفذ لها ما رغبت فيه ، وبعد عدة أيام وعندما عاد لمحل الذهب لاستلام الشكل الجديد، لم يصدق أن ابنته غيرت تماما تصميمه القديم وجعلته وكأنه طقم جديد لم يره من قبل.
كذلك شعرت الأم بانبهار شديد تجاه ما رأت ومنذ ذلك الوقت تركت الأم حليها لابنتها تفعل بها ما تشاء، وتدريجيا ازداد اتقان الفتاة الصغيرة للتصاميم التي تنفذها، وبدأ الأهل يعرفون ما تفعله فكانوا يطلبون منها أن تعيد لهم صياغة حليهم، وتطور الأمر فأصبحت تصمم مجوهرات خاصة بها ويقوم الصائغ بصنعها.
وبعد الزواج لم تنس هوايتها، واستمرت في رسم أشكال عديدة من المجوهرات والحلي على الورق، وهو ما لفت انتباه الزوج الذي شجعها على استثمار موهبتها في مشروع صغير لتعرض فيه ما تنفذه، وكان محل ( الأسطورة ) الذي افتتحته في ابوظبي منذ ست سنوات تقريبا بداية اقتحامها بقوة لعالم تصميم المجوهرات محلياً.
وبدأت ناعمة الحوسني كسيدة أعمال نشيطة تحب عملها، بتوفيق من الله وتشجيع من زوجها بدأت بشكل عملي وبسيط ثم تطورت، وقامت بفتح معرض للمجوهرات، ثم أسست ورشة عمل تصمم بها أعمالها وقامت بتصدير منتجاتها إلى ايطاليا والبحرين وحازت على شهادات تقدير خاصة، ومن المعروف أن تصميم المجوهرات ليس بالمهمة السهلة ويحتاج الى أموال كثيرة، وفي إطار بحثها عن التصاميم الحديثة في العالم، تحرص ناعمة الحوسني على زيارة المعارض العالمية للمجوهرات في كل مكان تسافر اليه.
لم تكتف ناعمة الحوسني بموهبتها الفطرية بل سعت للألتحاق بدورات لصياغة المجوهرات ودورات أخرى في غرفة تجارة وصناعة أبوظبي حول إداراة المشاريع ، وتعلمت فن الإدارة والتعامل مع الزبائن والموظفين واختيار اسم المشروع وغيرها من الموضوعات التي تخص مشروعها وتؤهلها للنجاح في عالم سيدات الأعمال.
ولم يكن الطريق سهلاً ممهداً أمام ناعمة الحوسني فرغم الدعم الكامل الذي قدمه لها زوجها، إلا أنها وجدت معارضة شديدة من الأهل الذين استنكروا وقوفها في محل المجوهرات، والتعامل مع الناس مباشرة، لكنهم بعد فترة تراجعوا عن موقفهم بعد أن تأكدوا بأن ما تفعله جميل ومميز.
وتنفرد تصاميم ناعمة الحوسني بخصوصية المزج بين الطابع الخليجي والأوروبي لذلك نالت تصاميمها إعجاب معظم النساء وهي تستخدم الماس والأحجار الكريمة كالزمرد والروبي بجانب اللؤلؤ في تزيين الذهب الأصفر والأبيض، وفي تصاميمها للمجوهرات حاولت إرضاء كل اذواق النساء بأعمارهن المختلفة، والورود هي أساس كل تصميم تنفذه، وغالبا تستمد افكارها من البيئة أو من الصور اليومية التي تراها وتختزنها في مخيلتها، وكثيرا ما تبحر في عالم الإنترنت لتبحث عن الجديد والغريب والمبهر.
وتوالت مجموعات مجوهرات ناعمة الحوسني وكان آخرها بعنوان مجموعة ناعمة وهي مكونة من 65 قطعة تميزت بالبساطة وخفة الوزن، وهي مجموعة تستطيع المرأة استخدامها بشكل يومي، وقبلها كانت مجموعة دانة والتي تحمل اسم ابنتها وهي مجوهرات مطعمة باللؤلؤ والدانات الصغيرة ذات اللون الأبيض والتاهيتي، بجانب الأصداف والالماس، ومجموعة أمايه وقامت بتصميمها خصيصا بمناسبة عيد الأم، وجاءت تصاميمها على شكل قلب يرمز للأمومة والحب ومصنوع من الذهب الخالص ومطعم بالألماس الأبيض.
كذلك أيضا مجموعة أم الإمارات وكان أول تصميم لها يحمل كلمة (أم ) بالألماس البني والإمارات بالألماس الأبيض وفي نهاية التصميم حرف التاء على شكل منقار الصقر وقامت بتصميمه محبة في سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك أم الإمارات كما طورت ايضا تصاميم الذهب التراثية القديمة مثل المرتعشة باسلوب عصري متطور ، كذلك الكف والذي كان مصمما على شكل خمسة أصابع فاستبدلته بخاتم وسلسة في أصبع واحد ونالت تصاميمها إقبالا كبيرا من العرب والأجانب الذين يرون فيما تصممه من مجوهرات روحا شرقية مختلفة عن التصاميم الأوروبية .
واشتركت ناعمة الحوسني بمجوهراتها الموقعة باسمها في أكثر من معرض محلي، وقد فاقت شهرتها حدود الإمارات لدول الخليج العربية ويسعى الناس اليها من خلال الإتصال بها أو عن طريق «النت» لشراء ما تصممه من مجوهرات واختارت اسم (الأسطورة) لمحلها الذي تبيع فيه المجوهرات الخاصة بتصاميمها لما يعنيه الاسم من تميز وتفرد ورقي وعراقه.
تقول عنها مصممة الأزياء الإماراتية ذات الصيت العالمي في مجال أزياء «الهوت كوتور» منى المنصوري: تمتاز تصاميم ناعمة للمجوهرات بالتفرد، وهي من بنات الإمارات القليلات اللاتي استطعن اقتحام هذا المجال بقوة وأصبح لهن اسم مميز في السوق، فلم يعد دور بنت الإمارات محصورا في مجالات محددة فهي الآن الطبيبة والمهندسة والوزيرة والقاضية وعضوة في البرلمان، وناعمة الحوسني اختارت الدخول في عالم تصميم المجوهرات مع مبدعات آخريات لذلك نجحن وسط المنافسة الكبيرة الموجودة من مصممي المجوهرات العالميين.
وتؤكد مصممة الأزياء الإماراتية رانية البستكي أن لناعمة أسلوبا خاصا في صياغتها للمجوهرات يعتمد على الجمع بين الكلاسيك والعصري، لذلك ترضي تصاميمها كافة الأذواق، وأعتقد أن فتح مجال الدراسة لتصميم المجوهرات في دبي سيتيح لكثيرات من بنات الإمارات الموهوبات دخول هذا المجال وسيصبح لدينا نخبة من مصممات المجوهرات أمثال ناعمة الحوسني وعزة القبيسي وغيرهن، أما على المستوى الإنساني فناعمة إنسانة طيبة جدا تحب الناس وتفضل أن تتعامل مع الجميع بأسلوب يليق بها وبمكانتها.
وفي اعتقادي ان تصاميم ناعمة بنفس دقة التصاميم العالمية التي تأتينا من الخارج بل تفوقها روعة في الجمال، لانها تزاوج بين الذوق الخليجي وا الأوروبي والطابع الشرقي والغربي وهذا يمنحها تميزا.



===============



ليست هناك تعليقات: