تتطلب المرأة الحامل عناية من نوع خاص أثناء فترة الحمل، وذلك للمحافظة على صحتها وصحة الجنين، ويتم ذلك من خلال الفحص والتحاليل المستمرة لتشخيص ما قد يطرأ عليها من حالات مرضية، والتي تؤمن سلامة وإنقاذ حياة الأم وجنينها وللحصول على السلامة العقلية والجسمية والوصول إلى ولادة طبيعية بدون مضاعفات، وقد تتعرض الحامل لبعض المشكلات الصحية التي يجب الانتباه لها وعلاجها فور حدوثها من أجل سلامة الأم والجنين.
وتقول الدكتورة نضال العطية استشارية أمراض النساء والولادة في مستشفى النور في أبوظبي: إن الفحص الطبي والمتابعة المستمرة للحامل أمر هام جدا لسلاماتها، فهناك بعض الاضطرابات العامة التي تحدث للحامل خلال فترة الحمل مثل القيء المستعصي والذي يصيب حوالي 50% من النساء ويحدث بين الأسبوع الرابع والرابع عشر من الحمل،ويحصل لها مباشرة عند استيقاظها من النوم في الصباح الباكر، وعلامات القيء المستعصي هي تكراره بعد تناول الطعام، أو لمجرد شم رائحته، جفاف اللسان ووجود طبقة بيضاء على سطحه، سرعة النبض وهبوط في الوزن، خمول الحامل، فقدان الجلد لمرونته بسبب فقدان كميات كبيرة من السوائل، خروج رائحة كريهة من الفم مصحوبة برائحة الأستون، تغير لون الإدرار إلى الغامق مع زيادة كثافته النوعية وحدوث إمساك.
اما عن أسباب هذا القيء المستعصي وكيفية علاجه؟ فتقول الدكتورة العطية: يعود إلى العوامل النفسية، التغييرات الهرمونية مع بطء الحركة الدودية للأمعاء، وعلاجه يتم بإدخال المريضة إلى المستشفى وخلال 24 ساعة الأولى يمنع عن الحامل تناول أي غذاء عن طريق الفم مع إعطائها السوائل الوريدية والمغذيات عن طريق الوريد، وتعطى الأدوية الخاصة لإيقاف القيء وقياس العلامات الحيوية مرتين على الأقل في اليوم الواحد، والفحص المخبري للإدرار لمعرفة كثافته ووزنه النوعي مع معرفة كمية الزلال والأجسام الكيتونية.
كذلك من متاعب الحمل أيضا الحرقة، وتحدث خلال الفترة الاخيرة من الحمل وتعود إلى ضغط الرحم على المعدة مما يدفعها إلى الأعلى، وتعود أيضا إلى التخدش الذي يتسبب بواسطة الانعكاس التي تسببه العصارات المعدية في البلعوم، وأحيانا تحدث رخاوة للمعدة الفؤادية بسبب فاعلية هرمون الأستروجين في الأسابيع الخيرة قبل الولادة تقل تلك الحالة بسبب هبوط مستوى الرحم لنزول الرأس إلى الحوض.
ولتجنب حرقة المعدة يجب الامتناع عن تناول المواد الدهنية، تناول وجبات صغيرة متعددة، وضع وسادة صغيرة تحت الرأس أثناء النوم أو رفع رأس السرير، الإكثار من شرب الحليب.
ورم الساقين والدوالي
كذلك فإن ورم الساقين هو احد متاعب الحمل، حيث تعاني حوالي 80% من النساء الحوامل من ورم الساقين، وقد يكون ذلك بغير سبب محدد، أو بسبب أمراض الكلى والقلب، تسمم الحمل، الوقوف على القدمين لمدة طويلة، وغالبا يأتي الورم ليس على الساق فقط بل على مشط القدم والمفصل بالكامل، وعلاج تلك الحالة يتم براحة المرأة الحامل ورفع ساقيها فوق مستوى الجسم.
وأيضا من متاعب الحمل الدوالي حيث تعاني نسبة 60% من الحوامل من الدوالي خاصة في منطقة الأرجل ويعود ذلك إلى هرمون البروجسترون مما يسبب رخاوة العضلات اللاإرادية ومن ضمنها جدران الأوردة مما يؤدي إلى توسعها ثم بطء في إرجاع الدم في الأطراف السفلى، والوقوف لمدد طويلة وبدن راحة، تكرر حالات الحمل والولادة.
ومن أعراض الإصابة بالدوالي ألم في الأطراف السفلية بسبب انتفاخ في الأوعية العميقة، بروز الأوردة الغريبة في الجلد ويكون لونها أزرق أو بنفسجيا، حدوث ورم في الأقدام في الحالات الشديدة، ويتم العلاج بنصح الحامل بأخذ قسط وافر من الراحة والاسترخاء على السرير مع رفع الساقين فوق مستوى الجسم. كذلك تصاب الحامل بالبواسير وهي دوالي في المنطقة السفلى للمستقيم والشرج مما يسبب النزف ولمنع حدوثها يجب تجنب الإمساك بالإكثار من السؤال والخضروات واستعمال العلاجات الخاصة الموضوعية.
آلام أسفل الظهر
وتقول الدكتورة العطية: ان الحامل تعاني من آلام أسفل الظهر، وذلك بسب هرمونات الحمل التي تؤثر على مفاصل الحوض وأسفل الظهر مما تسبب في رخاوتها وزيادة قابليتها على الحركة والعلاج يكمن في نصح الحامل في اتخاذ وضع صحيح بالنسبة للظهر لتقليل تقوس المنطقة القطنية وارتداء الأحذية المريحة، وتناول المسكنات الخفيفة والنوم على فراش صلب ووضع ألواح خشبية على السرير لتقليل تقوس الظهر.
كذلك تعاني الحامل من الإمساك بسبب قلة نشاط العضلات اللاإرادية في الأمعاء بسبب ارتفاع هرمون المبيض مما يؤدي إلى كسل الأمعاء، كذلك قد يكون لتأثير كبر حجم الرحم والضغط مما يسبب إزاحة الأمعاء عن مكانها. ويكمن العلاج في تناول كميات كبيرة من السوائل والخضروات والفواكه، والقيام بالتمارين البسيطة مما يشجع على حركة الأمعاء بقيامها بالتغوط كل يوم وفي نفس الموعد وبدون استعمال الملينات والمسهلات إلا باستشارة الطبيب.
كما يحدث للحامل تشنجات في الأطراف السفلية في الساقين والفخذين أو عضلات الردفين، وأحيانا تكون مؤلمة إلى درجة التوقف عن الحركة، ويتم علاجها بثني القدمين من قبل شخص ثاني عكس الاتجاه أي ثني الكاحل إلى الخلف لإرخاء العضلات الخلفية للساق ورفع الساق إلى الأعلى وتدليك العضلات المتألمة مع تدفئتها وتناول كميات من الكالسيوم الموجود في الحليب مع التقليل من الفوسفات.
السكري وفقر الدم
وتؤكد الدكتورة نضال أن فقر الدم من الأمراض الشائعة في الحمل، وتنصح الأم الحامل بتناول المواد الغذائية الجيدة التي يكثر فيها الحديد كالسبانخ وصفار البيض مع اللحوم، وإعطاء الفيتامينات وحبوب الحديد إضافة بعد الشهر الرابع مع أعطاء حب الفوليك أسيد أثناء الحمل.
وهناك مضاعفات عامة أثناء الحمل مثل الإصابة بداء السكري الذي يضعف من مقاومة المرأة الحامل ضد الجراثيم وإصابتها بالتهاب المجاري البولية والتناسلية والرئتين، وولادتها تكون بطيئة ومصحوبة بمضاعفات، ويتسبب في زيادة حجم ووزن المولود حديثا، والإسقاط المتكرر، واحتمال حدوث تشوهات خلقية للجنين، وفي الفترات الأخيرة من الحمل يكون الجنين مهددا بالوفاة، كذلك تصاب المرأة الحامل بتسمم الحمل والاستسقاء. وهنا لابد من مراجعة مسؤولة التغذية أسبوعيا ومراجعة الطبيبة لإجراء الفحوصات اللازمة وإدخال المريضة إلى المستشفى في الأسبوع 36 من الحمل للإشراف اليومي على حالتها الصحية.
وقد يرتفع ضغط الدم في منتصف الحمل لأول مرة ثم يختفي بعد الولادة، اما ارتفاع الضغط المرضي فيظهر من بداية الحمل ولا يختفي بعد الولادة وهو يؤدي إلى موت الجنين داخل الرحم وتعطل عمل الكليتين في المراحل الأخيرة من الحمل مما يؤدي إلى وفاة الحامل نتيجة لإصابتها بتسمم هرمون البول وبالطبع فعلاجه بالراحة التامة وإعطاء الأدوية والفحص الأسبوعي وإعطاء المسكنات لتهدئة المريضة نفسيا وجسديا ومراقبة صحة الجنين في الأسابيع الأخيرة من الحمل وإنهاء الحمل قبل موعده إذا دعت الضرورة بولادة اصطناعية أو عملية قيصرية.
اما تسمم الحمل فهو حالة من الاضطرابات التي تظهر على الحامل نتيجة قصور أعضاء الجسم بالقيام بوظيفتها بصورة طبيعية وهي حالات شائعة من مضاعفات الحمل وخصوصا في البكرية، وإذا أهمل تشخيص الحالة وعلاجها فالنتائج خطيرة، وأعراضها ارتفاع ضغط الدم وورم الساقين، وبروتين «زلال في البول» وحدوث اختلاجات وغيبوبة.
ويظهر تسمم الحمل مابين الشهر الخامس والسادس ولابد من الوقاية قبل العلاج وهنا يطلب من المريضة التي يشتبه بإصابتها بالحالة إكثار عدد الزيارات للعيادة، التركيز على تغذية الحامل خاصة من البروتين والكالسيوم والفيتامين (ب) مع التقليل من ملح الطعام، ويجب التقليل من النشويات لتخفيض الوزن.
==============
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق