٢٦‏/١٢‏/٢٠٠٨

الحنين إلى الوطن يداهمه قبل مغادرته




يفضل وليد السعدي ـ رئيس تحرير مجلة المنارة السفر إلى فرنسا وتحديدا باريس ويقول عن السبب وراء شغفه بفرنسا إنه يعود لشعبها المنفتح على الثقافات كافة، وخاصة العربية وذلك بسبب وجود عدد كبير من الجاليات العربية والتي تمثلت في هجراتهم المبكرة إليها، ما جعل الفرنسيين أنفسهم يتأثرون بالثقافة العربية، وتتجلى مظاهر التأثر بوجود أجواء شرقية في كل مكان في شوارع باريس، سواء كانت المقاهي أو محلات السوبر ماركت، وغيرها..

وفرنسا بمثابة متنفس يجد فيه الزائر كل مايتمناه، وتجتمع في باريس كل مقومات المدينة من معالم أثرية تاريخية وأثرية إنسانية لايضاهيها على مستوى العالم سوى ايطاليا واليونان، وللريف الفرنسي خصوصية تميزه عن غيره من بلدان أوروبا حيث تعطي الحكومة الفرنسية تسهيلات لمزارعيها وتسهل من مهمتهم . وفي باريس زرت أجمل الأماكن مثل برج ايفيل، والشانزلزيه، وقوس النصر، ومتحف اللوفر الذي تتعدد أقسامه وتضم آثارا لكل الحضارات العربية والإغريقية والفرعونية وغيرها، كما يضم قطعا أثرية نادرة ولوحات فنية لأهم فناني العالم.

تايتانك اسبانية: ويضيف السعدي: ومن أجمل البلاد التي زرتها مالطا، ففيها تشعر كأنك في دولة عربية وذلك بسبب تواجد العرب المسلمين فيها منذ 200 سنة، حتى ملامحهم وطباعهم وأسماءهم وأسماء شوارعهم عربية، وهي جزيرة أسفل ايطاليا وتطبق القانون الإيطالي. ومن مالطا ذهبت في رحلة بالباخرة إلى طرابلس الغرب لمدة 12ساعة، ولن أنسى تلك الرحلة بسبب الخوف الذي اجتاحني من الإبحار لساعات طويلة، وأيضا لقدم عمر السفينة التي تعود إلى عام 1920م وتتسع لحوالي 1200 شخص.

أما سويسرا فهي بلد الهدوء، وقدزرت فيها كل المدن، وأعجبت بالمناظر الخلابة والبحيرات الشهيرة، وأجمل مدنها جنيف العاصمة التجارية، ولوزان الساحرة. ويعتبر السعدي لندن مدينة جافة وينعكس ذلك على سلوك أهلها، لكنها تذخر بالعديد من المعطيات الثقافية والسياحة وقد غزاها العرب وراقت لهم، ويقول: أعجبت في لندن بساعة بيج بن الشهيرة والتقليد المتبع للمحافظة عليها كواحدة من معالم لندن الشهيرة حيث يؤمها السياح من مختلف أنحاء العالم ولحراستها تقليدمعين عند تبديل نوبات العمل من خلال طقوس تلفت انتباه الزوار.
وفي جزء منها تستقر أعداد كبيرة من الغربان التي توالدت وتكاثرت ويعود تاريخها الى مئات السنيين، ولا يسمح لغربان غريبة بالتواجد معها، والملكة شخصيا تقوم بالاعتناء بها، وتتفقدها من حين الى آخر، بل ولها حراس يتم اختيارهم بعناية فائقة.
ويواصل السعدي حديثه قائلا: لقد أعجبتني معظم احياء لندن وشارع أوكسفورد الشهير الذي يضم أشهر المحلات لبيع الملابس والأكسسوارات ، وشارع اجوال رود ويعتبر الشارع العربي في لندن، حيث تتواجد فيه معظم الجاليات، وتكثر فيه المقاهي المصرية والمغربية، والتونسية والسورية، ويذخر بالعديد من المكتبات التي تمكن الجاليات من متابعة أخبار بلادها عبر صحفهم يوما بيوم، وهذا الشارع تحديدا يذكرني بالشوارع القديمة في القاهرة ودمشق.
ويشير: لقد زرت أيضا اغلب المدن الرئيسية في المانيا، وأعجبني جمالها وسحرها، ففي فرانكفورت أعجبت بنظام العمل، وتقسيمات الشوارع من أحياء تجارية وأقتصادية وصناعية ما أنعكس على الناس، وفي ميونخ هناك الكثير من وسائل التسلية والترفيه فهي مدينة لاتنام لكنها ليست كباريس المدينة الأوروبية الوحيدة التي لا تعرف النوم أبدا.
رحلة لا تنسى
وينتقل السعدي الى سجل زياراته ليتحدث عن صربيا قائلا: ستظل رحلتي الى صربيا عالقة في ذهني مدى الحياة، حيث كنا ضمن وفد صحافي بدعوة من قيادة الجيش في الأمارت للاطلاع على أداء الواجب الذي تقوم به قوة حماية كيفورك في كوسوفو، وتمت الرحلة بطائرة عسكرية، ولأول مرة في حياتى أسافر بتلك الطائرة وكانت الرحلة متعبة بسبب هدير المحركات الذي صم آذاننا طوال سبع ساعات، وهبطنا في مطار مقدونيا العسكري.
ثم انتقلنا إلى مطار بريتشتا العاصمة في كوسوفو الذي لم يكن مؤهلا لأستقبال الطائرات العسكرية، وفوجئنا بدرجة الحرارة المنخفضة التي وصلت 10 تحت الصفر، ومع كل الأحتياطات التي أتخذناها لم نستطع أدخال الدفء الى أجسادنا وأرتجفنا جميعا من البرد خاصة الإماراتيين الذين كانوا يرتدون الدشداشة، وشعرنا بالخجل من أنفسنا عندما شاهدنا النساء الجميلات يرتدين الملابس العسكرية ويقمن بنقل الخشب الي الطائرات العسكرية، ولما انتهت مهمتنا عدنا الى بريشتينا وأقمنا في فندق لايوجد به ماء ولاكهرباء، وفي اليوم التالي زرنا المعسكرات وأماكن الهلال الأحمر لتوزيع المؤن وتألمنا كثيرا للخراب الذي لحق ببيوت المسلمين في كوسوفو.
ويتحدث السعدي عن رحلته الى بروكسل قائلا: كنت ضمن مجموعة صحافية لزيارة رئيس حلف الناتو في مقره، ومررنا بأربع عمليات للتفتيش، والمبنى في الداخل يختلف كلية عن الخارج ، ففي الخارج أسلحة وخرائط ومعدات أما في الداخل فتعمل الأيدي الناعمة والوجوه الجميلة في كل حدب وصوب بلا كلل لإرساء الأمن والسلام في العالم كله وهذا ما لم يتحقق حتى الآن.
ويقول إن من أجمل البلدان العربية التى زرتها مصر فرحلاتها الداخلية لاتنتهي، كما تتمتع بالكثير من المعطيات السياحية المتشعبة، ففي القاهرة ورغم ازدحامها وانشغالها عن العالم ففيها سياحة من نوع خاص أبرزها زيارة الأحياء الشعبية خاصة القديمة والآثار الفرعونية والإسلامية والقبطية، والقاهرة مدينة لاتنام ولاتهدأ، ويتجسد صفاء الطبيعة في شرم الشيخ والغردقة حيث السياح الأجانب والاستمتاع بالبحر والغوص والشمس والرمال الناعمة.
عظمة الخالق
وفي السفر بالطائرة يتأمل الإنسان عظمة الخالق العظيم من خلال النافذة، حيث السماء والأرض والأفق البعيد، لحظات شروق وغروب الشمس، والمنظر الذي لا أنساه كان عند جبال الألب حيث غطتها الثلوج بالكامل في الشتاء. ويختتم السعدي حديثه قائلا لقد استفدت كثيرا من السفر بالتعرف على الكثير من الأشخاص منهم من سقط على الدرب، ومنهم من رحل بلا وداع، وآخرون مازالوا على تواصل، كما تعرفت على حضارات وثقافات الشعوب، ولطالما حلمت بالعودة إلى وطني خاصة كلما ابتعدت عنه، وأشعر بحنين يجتاحني حتى قبل مغادرتي له.
ومن المواقف التي تعرضت لها في السفر فقداني لحقائبي أكثر من مرة، وهو أمر يكدر صفوي بسبب احتياجي لما بداخلها، وكذلك انزعاجي من الحجوزات الوهمية التي يتم الغاِ ؤها بسبب تأخر الطائرة عن الأقلاع وغيرها. ومن المواقف الطريفة التى تعرضت لها في جنيف عندما وجدت في غرفتي رجلا آخر، وتبين أنه دخل بالخطأ نتيجة برمجة الفندق لمفتاحه الألكتروني، وتسبب هذا الموقف في وجود علاقة صداقة مع ذلك الرجل.




================




ليست هناك تعليقات: