٠٣‏/١٢‏/٢٠٠٨

فطائر المخبز وإهمال الموظف




كان هذا اليوم طويلا ومرهقا، فقد حاولت قدر استطاعتها ان تنجز كل أعمالها الوظيفية وتنهيها قبل السفر، لقد أجهدها البحث وراء العملاء وملاحقتهم لتنتهي مبكرا من مسؤوليات العمل ليسمح لها مديرها بالسفر، نعم فهي بحاجة إليه لأنها لا تستطع البقاء مدة طويلة دون رؤية ابنتها الشابة التي تخرجت من الجامعة حديثا وهي في أشد الحاجة الى وجودها بجانبها خاصة وأنها مقبلة على الالتحاق بعمل جديد.
وكم يعذبها أن تحادث ابنتها فتجد صوتها مخنوقا بالبكاء وهي تخبرها أنها تفتقدها كثيرا وإنها لا تستطيع المكوث طويلا دون أن تراها لتخبرها بأسرارها وتطلب منها إسداء الرأي في مشاكلها التي تعتريها يوميا.
وبعد يوم شاق لم ترض فيه بما حققته من نتائج في العمل بسبب تقاعس بعض العملاء وتعللهم بحجج سخيفة للاعتذار عن إجراء المقابلات، حملت حقيبتها واستقلت سيارتها في طريق العودة الى المنزل. فجأة تذكرت أن البيت خال من الطبخ، فانشغالها لم يمنحها الفرصة لتحضير وجبة للغذاء، ففكرت ماذا يمكنها أن تفعل، وحدثت نفسها بأنه يمكنها أن تطلب أية وجبة «دليفري» وانتهى الأمر، ثم تذكرت أنه لا يوجد بالبيت أية كسرة خبز، فاتجهت الى أقرب مخبز لتشتري ما يكفيها منه.
في المخبز رأت ازدحاما شديدا من الزبائن الذين يطلبون بعض المعجنات، فقالت لنفسها: «لماذا لا أشتري مثلهم، فالمعجنات كما تبدو شهية، وأعتقد أنها اقل دسما من «الفاست فود» الذي أنوي طلبه بعد عودتي من المنزل»، وبالفعل اشترت بعض المعجنات من كرواسون وفطائر بالسبانخ واللحم واتجهت الى المنزل، وأكلت بعضا من الفطائر على عجل حتى تواصل كتابة ما أنجزته اليوم على جهاز الكومبيوتر.
احتست كوبا من الشاي، ثم أخرجت أوراق العمل من حقيبتها، جلست أمام الكومبيوتر تنجز أعمالها، شعرت بصداع خفيف،أخذت مسكنا قبل أن يتمكن منها صداع الشقيقة، واصلت عملها ثانية، بعد مرور ساعة تقريبا شعرت بمغص خفيف في معدتها، إلا أنها واصلت ولم تهتم كثيرا، بدأ المغص يزداد ليشمل بطنها، تزايد الأعراض، هرعت الى الحمام أكثر من مرة فقد أصابها الإسهال والقيء معا.
تناولت كوبا من عصير الليمون المركز لتطهر أمعائها، بجانب فنجان من القهوة التركية بدون سكر، هدأت قليلا، جلست ثانية لتنجز عملها امام شاشة الكومبيوتر، شعرت بالألم يعاودها ثانية وبشكل أصعب من ذي قبل.
حملت نفسها وذهبت الى قسم الطوارئ في المستشفى،التفت حولها الممرضات، وبناء على أوامر الطبيب أخذوا عينات منها للتحليل، وبعد أن كشف عليها الطبيب وضعوا لها محلولا في يدها، وبعد ظهور الفحص، اتضح أنه أصابها تسمم حاد ربما من طعام تناولته.
أمضت في المستشفى أربع ساعات كاملة حتى استقرت حالتها وأمر لها الطبيب بالانصراف، وقبل ان تغادر المستشفى مدت يدها موظفة الاستقبال بفاتورة العلاج الذي تجاوز 1000 درهم، وتذكرت أن بطاقتها للتأمين الصحي لم تصلها بعد من مؤسستها بسبب خطأ من موظف أبدل صورة مكان صورتها، تذكرت أن بحوزتها ورقة مصورة من البطاقة أرسلها لها موظف شؤون الموظفين واكد لها أنها تستطيع أن تتعالج بها حتى تأتيها البطاقة، اعطتها للموظفة وقصت لها الحكاية.
أخبرتها الموظفة أنه لا يمكن قبول ورقة فوتو كوبي من البطاقة وعليها الانتظار قليلا حتى تتأكد من معلوماتها، وقامت الموظفة بالاتصال بالمسؤول في المستشفى الذي رفض هو الآخر قبول تلك الورقة، واعتذرت لها الموظفة بأدب، ورغم شدة غيظها، إلا أنها تعلم أن لا خطأ على المستشفى وتلك هي النظم المتبعة، ودفعت المال واتجهت للصيدلية لشراء الدواء ودفعت أيضا 500 درهم أخرى، وخرجت تسب وتلعن الإهمال الذي كلفها هذا المبلغ الضخم من اجل الإسهال والقيء.
وفي المساء حضر ابنها من عمله واتجه إليها مباشرة يسألها إذا كان هناك عشاء أم يطلب من المخبز بعض الفطائر، صرخت في وجهه قائلا إلا فطائر المخبز فقد كلفتني اليوم 1500 درهم.

==============

ليست هناك تعليقات: