١٢‏/٠٤‏/٢٠٠٩

الطلاق يهدد الكيان الأسري واستقرار المجتمع - 1



الطلاق ظاهرٍّة تقضي على استقرار الأسرة وتهدد أمن وسلامة المجتمع وقبل أن تتفاقم المشكلة وتؤثر سلبا على مجتمعنا الآمن، نستعرض في هذا الملف عدة عناصر نتناول فيها محاور مختلفة منها أهمية الأسرة ودورها في المجتمع وبناء الحضارات البشرية، وأهم التحديات التي تواجه الأسرة، وأسباب ارتفاع نسب الطلاق وخاصة بين الشباب المتزوجين حديثا، وأهمية معرفة المرأة بحقوقها القانونية خاصة إذا وقع الطلاق مع وجود أطفال، وأهمية وجود ثقافة زوجية يتعلمها الأزواج المقبلين على بناء أسرة جديدة،ومحو الأمية العاطفية بين الزوجين.
وتؤكد الدراسات المحلية والبحوث الميدانية التي قام بها استشاريون أسريون من ذوي الخبرة والاختصاص أن نسب الطلاق وصلت إلى 26%، وأن أعلى معدلات في الشريحة العمرية من 20-30 عاماً (نسبة المطلقين في هذه السن 42% من إجمالي عدد المطلقين)، وأن معظم حالات الطلاق تمت في السنوات الأولى من عمر الزواج حيث بلغت37 %.
مكانة الأسرة في الإسلام
تعتبر الأسرة اللبنة الأولى في كيان المجتمع وصلاح الأسرة هو صلاح المجتمع وتماسكه وتكمن أهمية الأسرة في كونها مؤسسة اجتماعية يعتمد عليها المجتمع في رعاية أفراده منذ قدومهم إلى الوجود وتربيتهم الاجتماعية على أكمل وجه. والعلاقة بين الفرد والآسرة والمجتمع علاقة فيها الكثير من الاعتماد المتبادل.
فالأسرة تهيئ الفرص التي تمكن الأفراد من أداء أدوارهم الاجتماعية وتنمية قدراتهم بالشكل الذي يتوافق مع أهداف المجتمع، كذلك للأسرة دور في تعزيز أمن واستقرار المجتمع حيث إن أمن الوطن يقع على أرض كل من يعيش على أرض الدولة، فهي البوتقة التي يخرج منها المواطن الصالح من خلال التنشئة والتربية الصالحة، حيث يقع على الأسرة عدة أدوار لبناء أفرادها منها أدوار توعوية، ووقائية، وتعاونية ورقابية ومتابعة داخل المنزل وخارجه.
وفي البداية نوضح كيف اهتم ديننا الإسلامي الحنيف بالأسرة ونظم جميع المسؤوليات بها فيقول الداعية الإسلامي فضيلة الشيخ الدكتور طالب الشحي رئيس قسم الوعظ في هيئة الشؤون الإسلامية: لقد أعتنى الإسلام بالأسرة ومكانتها في الدنيا والآخرة، فالأسرة أساس المجتمع وأساس الحضارات، وقد أكد الجانب الديني على تكوين الأسرة، فأسرة ذات استقرار وتوازن نفسي تعني توازناً نفسياً في المجتمع بأكمله.
وذلك لأن الأسرة أمانة ومسؤولية، وتلك هي الرعاية العظمى التي وصفها رسولنا الحكيم بقوله: «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، فالإمام راع ومسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهله ومسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها، والولد راع في مال أبيه ومسؤول عن رعيته، والخادم راع في مال سيده ومسؤول عن رعيته، وكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته».
والمسلم لابد أن يكون لديه بعد نظر وتفكير وهدف إلى ما لا نهاية، فالدنيا مرحلة معينة يأتي بعدها نعيم تحت مظلة الإيمان وعبادة الله لدوامها في الآخرة سرمدي، فالأسرة ليست حياة بسيطة بها ديمومة، ولكن علينا النظر إلى مسألة «تعبيد الأسرة لله»، لذلك لابد أن تكون للآسرة أهداف أكبر من الدنيا.
لماذا نتزوج؟
يقول الدكتور على شراب أستاذ علم النفس والعلاقات الإنسانية وخبير تطوير المهارات البشرية: نحن جميعا نبحث عن الأفضل في الحياة،ونجتهد من أجل تحقيق ذلك، إلا أن معظمنا يفتقد إلى الهدف والرؤية، فهل فكرنا ذات يوم وسألنا أنفسنا لماذا نتزوج وننشئ أسرة؟ وهذا سؤال طرحته مرارا؟
وجاءت الإجابات بنسبة 90% تشير بأنه نريد أن نكون جزءا من هذه الحياة، وأيضا جاءت إجابات أخرى تقول لإكمال نصف الدين، إذن فعندما نكمل نصف الدين كما أمرتنا الشرائع السماوية فإن لذلك مقاصد لبناء أسرة صالحة تكون نواة لمجتمع سليم، لكن هذا لا يسلم من أن توجد آسر تعاني من الخلل، لذلك أبيح في الزواج الطلاق.
ويؤصل شراب أسباب تكوين الأسرة وأنها تهدف إلى غاية كبيرة وهدف سامٍ وهو تعمير الأرض وبناء وقيام الحضارات، فالرؤية البعيدة إذن هي بناء الحضارة الإنسانية، وهنا أطرح سؤالاً آخر هل نستطيع أن نبني بيتاً بدون أن يكون لهذا البيت أساس سليم؟
بالطبع الإجابة لا، لأنه إذا لم يكن هناك أساس سليم فإن البنيان سينهار سريعا، لذلك لابد أن يتوفر للأسرة نوع من التوازن النفسي الذي يؤدي إلى إنتاج أسرة قوية الدعائم تستطيع أن تؤدي دورها المنوط بها وهو إعمار الأرض لذلك لابد من ترتيب الأولويات والأهداف المرجو تحقيقها من بناء الأسرة حتى لا ينزلق حجر الأساس وتتهاوي مؤسسة الأسرة، ولابد أن يتعرف كل فرد في الأسرة على دوره ومسؤولياته حتى نحصل على مجتمع مترابط ومسؤول، كما يجب أن يكون اتباع منهج الرسول الكريم في الزواج ليس لمجرد الاتباع وإنما لوجود غاية تكمن وراء الترابط الأسري.
ويشير عادل حسين آل ربيعة مدير إدارة العلاقات العامة والاتصال في بلدية أبوظبي أن الأسرة قوام المجتمع وأساس الحضارات، وتكوين أسرة في الإسلام هو تكليف لما له من دور ايجابي في التنمية والإصلاح والتقدم، والفرد هو عماد الأسرة، والأسرة هي عماد المجتمع، والزواج هو الأساس الذي تقوم عليه الأسرة التي تعتد ملاذ الفرد والذي يجد فيها الراحة والسكينة وتشبع حاجاته ودوافعه ويحقق من خلالها أهدافه،كما أنها تحقق له الحماية.
كما تؤكد راية المحرزي أنه من خلال الأسرة يحصل الأبناء على التنشئة السليمة، فتمسك الأسرة بدينها ومعتقداتها وعاداتها وتقاليدها حتما ستخرج للمجتمع جيلا من المواطنين الصالحين الذي يستطيعون أن يقفوا على أرض صلبة لا تستطيع كافة التحديات أن تؤثر فيهم أو تنحيهم عن الطريق الصحيح.
والزواج الصحي عنوان جيد لمجتمع سليم متماسك يعرف فيه كل فرد مسؤولياته وحقوقه وواجباته، وعندما ينشأ الأبناء في بيت يخلو من المشاكل الزوجية يسوده الحب والوئام والتفاهم، ستسير حياتهم الزوجية فيما بعد وفقا لما نشأوا عليه، لأنهم تعلموا المعنى الجميل والسامي لتكوين أسرة متماسكة ومترابطة، وهنا أنوه على أهمية الأدوار التي يقوم بها الأب والأم في تنشئة أولادهما تنشئة دينية تأخذ من القرآن والسنة النبوية نبراسا تهتدي به في جميع خطواتها في الحياة.
تحولات في الأسرة الإماراتية
وتحت عنوان «التحولات الاقتصادية والاجتماعية ومستقبل النظام الأسري في مجتمع الإمارات- دراسة ميدانية في مجتمع دبي»، ناقشت الباحثة الإماراتية ليلى حسن محمد رسالة الماجستير واجتازتها بتقدير ممتاز في قسم الاجتماع في كلية الآداب جامعة عين شمس المصرية.
وقد سعت الدراسة نحو رسم صورة مستقبلية لحال الأسرة في الإمارات في ظل التغيرات الاجتماعية والاقتصادية الجديدة، وخلصت الدراسة إلى عدد من النتائج تتلخص في التالي: سيشهد التكوين البنائي للأسرة الإماراتية تغيرًا في المستقبل من حيث النمط والحجم وعدد الأطفال، ويتمثل هذا التغير في غلبة نمط الأسرة النووية (الصغيرة) على الأسرة الممتدة، واتجاه حجم الأسرة نحو العدد المتوسط ، واتجاه الأسر نحو تقليل عدد أطفالها.
سوف تطرأ على عملية الزواج بعض التغيرات في المستقبل تتمثل في اختفاء الطرق التقليدية للزواج وما كان يصاحبها، لتحل محلها الطرق الحديثة، مع ما يصاحبها من ترتيبات.
ستطرأ على شبكة العلاقات الاجتماعية داخل الأسرة مجموعة من التغيرات، تتمثل في فتور العلاقة بين الزوجين، وغلبة الأنانية، وحب الذات على أعضاء الأسرة الواحدة.
وستتعدد أدوار المرأة داخل الأسرة في المجتمع الإماراتي، حيث ستمارس الزوجة الكثير من الأدوار التي تتعدى الشكل التقليدي في تربية الأبناء ورعاية شؤون المنزل، وستمارس المرأة داخل الأسرة الإماراتية مستقبلاً مزيدًا من المشاركة في عملية صنع القرارات داخل الأسرة، وستطرأ بعض التغيرات على الوظائف التي تقوم بها الأسرة الإماراتية في المستقبل، وخاصة تلك التي تتعلق بالوظيفة العاطفية والنفسية والإنجاب.
وسيتعرض النسق القيمي للأسرة في المجتمع الإماراتي مستقبلاً لبعض التغيرات ، خاصة تلك المتعلقة بقيمة التعاون والتكاتف والطاعة ، فضلاً عن منظومة القيم الدينية والأخلاقية، والقيم المتعلقة بالاستهلاك.
ستواجه الأسرة في المجتمع الإماراتي بعض المشكلات الاجتماعية، بعضها لم تعرفه من قبل مثل: التشبع بالقيم الغربية، ودخول أنماط مستحدثة من الجريمة، والبعض الآخر امتداد لمشكلات قديمة، لكنها سوف تتفاقم في المستقبل مثل الخلافات الأسرية.وستشهد الأسرة الإماراتية في المستقبل تصاعداً لمشكلة الطلاق!

=========

ليست هناك تعليقات: