١٥‏/٠٤‏/٢٠٠٩

الزواج ليس معركة منتصر وخاسر- 4


لا يزال الحديث مستمراً عن مشكلة الطلاق وأثرها البالغ على الأسرة والمجتمع، حيث أظهرت دراسة ميدانية أعدتها وزارة العمل والشؤون الاجتماعية في الإمارات 2006-2007م عن ظاهرة الطلاق في مجتمع الإمارات أن نسبة المطلقين 19%، وأن الزوجة هي المبادرة في طلب الطلاق حيث بلغت نسبتهم 43%، يأتي بعدها الزوج بنسبة29%، وبلغت نسبة الطلاق بالاتفاق مع الطرفين 12%.

وذكرت دراسة أخرى صدرت عن مركز الدراسات والبحوث الإستراتيجية في أبوظبي أن أغلبية المطلقات ونسبتهم 76%، كن شابات عند الطلاق ولا تتجاوز أعمارهن 39 سنة، وتبين أن 19% من المطلقات لم تستمر حياتهن الزوجية سوى (1-6 سنوات)، وهذا يعني أن مجتمع الإمارات الذي يواجه مشكلة العنوسة بدأ يعاني من عبء ضخمٍ يسمى الطلاق. وأشارت دراسة من وزارة العمل والشؤون الاجتماعية الإماراتية إلى أن هناك 15 سببا للطلاق في الإمارات، موضحة أن الرجل دائما هو الذي يقدم على الطلاق إزاء مبررات، أهمها الرغبة في الزواج من امرأة أخرى بنسبة 31%، وعدم إنجاب الزوجة بنسبة 23%، وتدخل الأهل بنسبة 21%، وتناول الخمور وإهمال الأسرة بنسبة 13%، ثم الطلاق التعسفي بنسبة 16%، وأسباب أخرى تتصل بالخلافات المادية، وعدم اهتمام الزوجة بشؤون الزوج، وكثرة مطالبها.
أسباب الطلاق وتداعياته
المستشار القانوني إبراهيم التميمي يؤكد أن الزواج ليس معركة فيها منتصر وخاسر وكل منهما يريد أن يتفادى الخسارة بالضغط على الطرف الآخر، ولكن الزواج حياة مشتركة وعنوان لتماسك المجتمع ونجاحه، وأرى أن الحياة المشتركة تستحق المزيد من المحاضرات والندوات ولتكن إجبارية لكل مقدم على الزواج بأيدي متخصصين حتى لا يصدم أولادنا في الزواج ويضطرون للجوء إلى أبغض الحلال.
ويستعرض التميمي أسباب الطلاق قائلاً: من أهم أسباب الطلاق الاختيار الخاطئ من بداية الخطبة كعدم وجود تكافؤ بين الزوجين من الناحية التعليمية والاجتماعية والمادية، كثرة المشاحنات والخلافات الزوجية، المطالب المالية الكثيرة للزوجة مما يثقل كاهل الزوج، عدم أنفاق الزوج على بيته، اختلاف وجهات النظر في القضايا الهامة والمصيرية التي تقابل الأسرة، خروج المرأة للعمل وإهمالها لبيتها وأولادها وتركهم للخدم، وعدم اعتراف المرأة العاملة بقوامة الرجل وسعيها المستمر إلى تحقيق ذاتها ماديا واجتماعيا على حساب مصلحة الأسرة وهذا يجعلها ترفض قبول ما كانت تقبله أمها بغض النظر عنه من اجل استمرار الحياة الزوجية، تعدد الزوجات، شرب المخدرات.
ومعظم حالات المشاكل التي تؤدي إلى الطلاق بسبب اتجاه الزوج لإقامة علاقات نسائية تكتشفها الزوجة من خلال رسائل أو مكالمات الموبايل، بل إن بعض النساء تضع تسجيلا مثل القلم للزوج في سيارته لتسجيل أحاديثه النسائية.
ويضيف التميمي: تبدأ الخلافات الزوجية بسبب الاختيار الخاطئ منذ بداية الخطبة، فمعظم الفتيات ينبهرن بالشخص الذي يأتي إليهن وهو يقود سيارة مرتفعة الثمن وأحدث موديل، ولا يلتفتن إلى شخصية المتقدم لهن للزواج، فنجد الشاب يوقع بالفتاة بعد مغازلتها، ثم يطلب منها التقدم لخطبتها، وعندما يرفضه الأهل تتمسك الفتاة به بدافع الحب السريع الذي وقعت أسيرة له، لذلك أقول للفتاة ألا تنجرف وراء المظاهر الشكلية وأن تستمع إلى نصيحة الأهل لأنهم الأكثر دراية وعلما بتقييم العريس القادم من واقع خبرتهم الطويلة في الحياة.
وأؤكد لها انه مثلما هان عليك أهلك ستهونين أيضا عليه، فلدي مشكلة أعيشها من خلال قضايا مكتبي وهي لفتاة هددت أبويها بأنها لن تتزوج سوى هذا الشخص الذي تعتقد أنه يحبها وأنها سوف تعيش تعيسة بعدم الزواج منه، فتنازل والدها عن رفضه ووافق على عقد القران، وذات يوم طلب العريس من خطيبته أن تخرج معه ثم اصطحبها في سيارته حتى وصلا إلى دبي ثم طلب النزول أمام منزله مرحبا بها مؤكدا لها أنها الآن في عش الزوجية الذي سيضمهما سويا.
فنزلت الفتاة، ثم عاشرها معاشرة الأزواج بدون فرح ودون علم أهلها، فخافت الفتاة من العودة لأهلها، وبقيت عنده، وتبرأ منها والدها وقاطعها أهلها، ثم بدأت المشاكل بينها وبين العريس بعد ان اكتشفته على حقيقته فهو سكير، يسهر طوال الليل خارج البيت ثم يأتي ويقوم بضربها إذا لامته، لا ينفق عليها ولا على بيته، وعانت المرأة الأمرّين خاصة في ظل مقاطعة والدها لها، ولأن الأم تبقى ضعيفة دائما أمام أولادها فقد استقبلتها بعد ان هربت من منزل الزوجية، واتت إلى مكتبي بصحبتها كي ارفع لها قضية طلاق.
الأطفال ضحايا الطلاق
وهناك تداعيات للطلاق تقع على المرأة من حيث المعاناة النفسية التي تحدث لها بسبب نظرة المجتمع الظالمة لها، وبسبب الرقابة الصارمة من أهلها، كذلك معاناتها مع قضايا الحضانة والنفقة، كذلك قد يقع الرجل أسيرا للأمراض النفسية والجسدية.
والأطفال هم الأكثر تضرراً من الطلاق حيث إنهم يخرجون للمجتمع كارهين له حاقدين عليه، وتتزايد أعداد أصحاب السلوكيات السلبية من سرقة واحتيال مما يؤدي إلى تفكك المجتمع.
ولابد أن يتعلم الزوجان أن الأولاد هم ضحايا الحرب الضروس بين الأب والأم في حالة الطلاق، لذلك عليهما أن يتبعا أسلوباً سهلا للتعامل يبتعدان فيه عن العناد من اجل مصلحة الصغار، فعلى سبيل المثال لدي قضية حديثة كانت تعيش فيها الطفلة 3 أيام عند الأب و4 أيام عند الأم، وذات يوم ذهب الأب واخذ الطفلة من المدرسة دون علم أمها، وطلب من الخادمة أن تأخذها للحمام لتتسبح وتغير ملابسها حتى يعود، وأهملت الخادمة في رعاية الطفلة ذات العام والنصف فغرقت في البانيو، وعاش الأب حالة نفسية سيئة وظل شهورا يتردد على قبر ابنته ويبكي ويهيل التراب على رأسه، ورفعت الأم قضية عليه لأنه تسبب في مقتل ابنتها وانه ذهب وأخذها من المدرسة عنوة ودون أن تعلم.
ومن أهم المشاكل التي تقابل المرأة بعد الطلاق حضانة الأولاد لأن القانون يحرمها حقها في الحضانة إذا تزوجت فيسقط حقها فيها، مما يجعلها ترفض الزواج خوفا على أولادها الذين سيأخذهم أبوهم، مما يجعل البعض يتجهون إلى الزواج في السر.
ومن المشاكل أيضا أن ترفع الأم قضية نفقة لأولادها فيأتي الزوج بشهادات تثبت انه متزوج من 3 أو4 نساء ولديه حفنة من الأولاد ينفق عليهم وفي النهاية لا تحصل إلا على 200 درهم نفقة.
لذلك أؤكد أن الاختيار الصحيح من البداية يجنب الأسر المشاكل والطلاق فيما بعد، ولا أدري لماذا الاستعجال في الزواج، لابد من التأكد من أن هذا العريس القادم رجل قادر على فتح البيت والأنفاق عليه، فمن خلال عملي وجدت أن معظم المشاكل المطروحة في المحاكم مالية، ولابد للمرأة المتزوجة أن تعرف حقوقها القانونية، فهناك نساء يتعرضن للضرب المبرح، ثم تذهب وتشتكي زوجها في قسم الشرطة فتتنازل بعد ذلك للصلح، ثم يستمر زوجها في ضربها، فترفع قضية في المحكمة مطالبة إياه بالطلاق لأنه يضربها.
وهي لا تعرف أنه بمجرد تنازلها عن محضر الضرب فقدت حقها في تلك القضية، لأنه لابد لها من إثبات الحالة قانونيا والاستمرار فيها دون تنازل. ويؤكد التميمي أن العلاج يكمن في حل المشكلة من الناحية الاجتماعية، وأن نعلم الرجل كيف يتعامل مع زوجته وأن تتعلم المرأة كيف تتجنب ما يضيق زوجها وتسعى معه لبناء أسرة سعيدة.
ويواصل التميمي: دائما يلمونني بأنني نصير المرأة وأسعى دائما لنصرتها في قضاياها وكثيرا أفوز بقرارات القضاة في تطليق موكلاتي، ويقولون لي لقد قمت بتطليق نصف نساء البلد، وأنا أرد عليهم أن الحل ليس في عدم الطلاق، فليس من المعقول أن تعيش المرأة مع رجل يهينها ويضربها ولا ينفق عليها ومتزوج بأخرى أو أخريات أو متعدد العلاقات النسائية، ثم نقول عليها أن تعيش معه خوفا من وصمة الطلاق.




ليست هناك تعليقات: