١٦‏/٠٤‏/٢٠٠٩

الطلاق يهدد الكيان الأسري واستقرار المجتمع - 5


الحفاظ على الأسرة وتجنيبها الانهيار بسبب المشاكل الزوجية التي تؤدي إلى الطلاق يتطلب تضافر كافة الجهود من أجل دعم الأسرة، وذلك من خلال تعليم المقبلين على الزواج الثقافة الزوجية التي تعين الطرفين على فهم بعضهما، وفهم معنى الحياة الزوجية والمسؤوليات الملقاة على عاتق كل فرد في الأسرة، والاهتمام بفترة الخطبة لأن الاختيار السليم يبدأ بها.

ويوصي المستشار إبراهيم التميمي بأنه لابد من وجود هيئة تضم مركزا للتثقيف الزوجي تضم أطباء نفسيين واستشاريين اجتماعيين وأسريين لعمل توعيه للمقبلين على الزواج عن موضوع الزواج وحقوق وواجبات الزوجين، وتضم أيضا حقوقيين ليسوا من الأكاديميين فقط ولكن من المحامين والقضاة للاستفادة من خبرتهم العملية من خلال القضايا التي ينظرون إليها في المحاكم، وأتمنى أن يمنح الزوج راتبا إضافيا يعادل 10 آلاف درهم مقابل إبقاء زوجته في المنزل لرعاية بيتها وأولادها ويقول عادل حسين آل ربيعة مدير إدارة العلاقات العامة والاتصال في بلدية أبوظبي: لماذا لا تكون هناك شهادة تسمي برخصة قيادة الأسرة؟ يجب أن يحصل عليها كل من يتقدم لصندوق الزواج ليأخذ المنحة، مثلها كالشهادة الصحية التي تطلب خلوه من الأمراض، وعن طريق تلك الرخصة يستطيع من حصل عليها أن يعرف كيف يتعامل نفسيا واجتماعيا وشرعيا مع الطرف الآخر.

وبالتالي فإن الزوجين مؤهلان بالفعل للزواج وقيادة الأسرة، فمن يرغب في قيادة سيارة لابد أن يحصل على رخصة قيادة ومن يريد أن يعمل لابد أن يحصل على الرخصة الدولية للكومبيوتر، وهل يعقل من يقود الأسرة لا يؤهل بشكل سليم ويأخذ شهادة تدل فعلا انه يستطيع قيادة الأسرة والوصول بها إلى بر الأمان؟ ويواصل حسين: نعم للحملات التي تهتم بالحفاظ على الكيان الأسري دور كبير ولكن علينا ألا نكتفي بحملة واحدة فقط، بل لابد من تواصلها وتعليم المقبلين على الزواج ثقافة زوجية بداية من المدارس والجامعات، حتى وجود مؤسسة تختص بالثقافة الزوجية. فالجهود الفردية أمر جميل ولكن لابد من تضافر جهود جميع مؤسسات الدولة في إيجاد مؤسسة تختص بتأهيل المقبلين على الزواج، فعلى الأقل السؤال مفتاح المعرفة لأنك تريد أن تحصل على إجابات.

دور الأسرة: وتشير المستشارة الأسرية راية المحرزي إلى دور الأسرة قديما في تثقيف أولادها بأمور الحياة الزوجية قائلة: قديما كانت الأمهات «ستات بيوت» إلا أنهن تعلمن خبرات كثيرة ومهمة من الممارسة الفعلية في الميدان وهذا في نظري أهم وأكبر من الشهادات التعليمية، لأن تلك الأم تعلمت على منهج عظيم وقوي وهو القرآن الكريم، فربت أولادها عليه وغرست فيهم العادات والتقاليد وعلمتهم روح الوطنية، وعلمتهم على أن تكون العلاقة والرابطة متينة مع الأب والأم وأولي الأمر وتطبيقا لقول الله عز وجل: (يا أيها الذين امنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا) (النساء: 59)
لكن للأسف الآباء انشغلوا في الدنيا بالعمل وألهاهم الشيطان بأمور دنيوية وأصبح الأب متنازلاً عن دوره مما أدى إلى وجود خلل، كذلك الأم أصبحت تعمل وتربي أولادها بالقدر الذي يتيحه لها وقتها، والكثير من الأمهات لا تعرف كيف تقيم توازنا بين العمل والبيت.
وتضيف المحرزي: من سلبيات العصر عدم وجود ثقافة زوجية تؤهل الجيل الجيد لتحمل مسؤوليات الزواج وتعلمه كيفية التعامل مع الطرف الآخر في العلاقة الزوجية، لذلك أدعو من الآباء والأمهات أن يكونوا أصدقاء حقيقيين لأبنائهم وليبنوا معهم جسورا من الصراحة والتفاهم والحب تجنبا لأية مشاكل قد تتفاقم في حياتهم، ولابد أن يعرف المقبلون على الزواج أو الذين تزوجوا فعلا طريقة التعامل مع المشاكل وحلها سواء كانت مادية أو جنسية.
لذلك من الضروري إنشاء مركز لتعليم المقبلين على الزواج لتأهيلهم للحياة الزوجية، فحتى إذا كان الآباء والأمهات غافلين عن أداء أدوارهم فليكن هناك مؤسسة تعليمية تتولي تلك المهمة من خلال دورات ومحاضرات وورش عمل تستمر لعام بأكمله قبل الزواج.
مغالاة في الزواج
يؤكد يوسف الحوسني رئيس مجلس إدارة الأصالة لتنظيم المؤتمرات أن الدولة وفرت للمواطنين كافة وسائل الراحة والمساعدة في تكوين أسر، وصندوق الزواج جزء من تلك العملية والدولة والشيوخ يهتمون بإقامة الأعراس الجماعية للحد من ظاهرة المغالاة في تكاليف الزواج.
وللأسف نحن ابتعدنا عن الدين وأصبحنا نهتم بالأمور المادية لذلك، لابد أن يكون لدى طرفي الزواج وعي بمسؤولية الزواج وأنه ليس رحلة مؤقتة، ولابد من وجود حملات توعية لطرح المشاكل الزوجية وإيجاد حلول لها على ارض الواقع، فقد تكون مشكلة اجتماعية واحدة تحس المرأة أنها تخصها وحدها ولكنها بعد الإفصاح عنها تجد أن أخريات مثلها يعانون من تلك المشكلة، وعندما تطرح المشاكل بلا خجل يستفيد منها أيضاً الآخرون ويتجنبوا الوقوع فيها.
معنى الأسرة والحفاظ عليها
ويضيف الحوسني: ظاهرة الطلاق أو العنوسة هي من الظواهر الاجتماعية التي تخص قلة الوعي الديني لدى الشباب، فعندما يتعلم هؤلاء الثقافة الأسرية التي توضح لهم معنى الأسرة والحفاظ عليها والاحترام المتبادل بين الزوجين حتما ستقل نسب الطلاق.
فمع التطور العلمي لكل زمن تظهر سلوكيات جديدة، وعندما يعرف رب الأسرة دوره كقائد يوزع الأدوار على الأسرة أسبوعيا سيتعلم كافة أفراد الأسرة معناها لابد من وجود مؤسسة تكون مهمتها الأساسية تعليم المقبلين على الزواج الأساسيات اللازمة لبناء الأسرة والحفاظ عليها، كذلك لابد أن نمحو ظاهرة الخجل الأعمى التي تسود أفكار الآباء والأمهات الذين يتركون أولادهم دون أن يمنحوهم المعلومات اللازمة لخوض الحياة الزوجية والرد على كافة استفساراتهم دون خجل وبحجة ان الشاب والفتاه سيعلمون بعضهم فيما بعد.
ويواصل الحوسني حديثه قائلا:المرأة العربية تخجل من طرح مشاكلها، كذلك الرجل الذي يشعر أن في ذلك إهانة لمركزه وكيانه ومشاعره، والتكتم على المشاكل بين الزوج وزوجته دون إيجاد حلول مناسبة يجعل حجم المشاكل يزيد ويتفاقم وهنا أركز على دور المؤسسات الاستشارية الأسرية، وحتى تكون المؤسسة الزوجية قوية ومتينة لابد أن تمر الثلاث سنوات الأولى بسلام، فإذا صلحت الأسرة صلح المجتمع، لذلك لابد من هيئة تضم الاستشاريين المختصين في العلاقات الأسرية والزوجية ليطرح الزوجان أمامهم المشاكل والاستعانة بهم في حلها.








ليست هناك تعليقات: