٢٦‏/٠٤‏/٢٠٠٩

الزوجة المسرفة ترهق ميزانية الأسرة تفجر الخلافات


في ظل العولمة أصبح العالم كله سوقا مفتوحا نتعرض فيه يوميا للمغريات الترويجية التي تحثنا على الإنفاق بشكل قد لا يتناسب مع دخل الأسرة مما يسبب إرباكا لميزانيتها، وفي ظل الأزمة المالية وتبعاتها الاقتصادية على مستوى الدول والأفراد نحن بحاجة إلى إعادة النظر في سلوكيات الإسراف التي نتبعها وربما نجهل أن لها آثارا سيئة على مستوى الأسرة والدولة أيضا، وبما أن المرأة هي مساعد ربان سفينة العائلة فيقع عليها العبء الأكبر في ترشيد الإنفاق خاصة.

وفي لقاء مع المستشار الأسري الدكتور أحمد الحمصي تناول سلوك الإسراف وأنواع الزوجات المسرفات وطريقة تعديل سلوكهن، حيث قال: يقصد بالإسراف شراء ما لا يلزم، وإنزال الكماليات منزلة الضروريات، بمعنى شراء سلع غالية الثمن رغم وجود بدائل لها تنافسها في نفس الجودة، وهناك بعض الأوجه التي مهما أنفقنا فيها لا يعتبر ما صرفناه إسرافا مثل طلب العلم، شراء الكتب، الدراسة في الجامعات.والشخصية المسرفة شخصية لا تتسم بالنضج لأنها تشتري بدافع الشهوة فكل القرارات التي تأخذها تكون نابعة عن العاطفة وليس العقل، ويعود سلوك الإسراف عند المرأة لعدة أسباب: أولاً قد يكون الإسراف نتيجة لشكل من أشكال الضغط النفسي مثل شغل البيت، دراسة الأولاد، وتجد تلك الزوجة ف
ي الشراء متعة تنسيها تلك الضغوط التي تعاني منها.

وعلى تلك الزوجة أن تتجه لوسائل أخرى للترفيه تبعدها عن سلوك الإسراف مثل متعة القراءة، مزيد من العلاقات الاجتماعية، تبادل الزيارات، مساعدة الآخرين، الاتجاه إلى العبادة، ممارسة الرياضة، الاستمتاع بالاسترخاء، الاشتراك في البرامج المفيدة، خدمة المجتمع، المساعدة في المنزل لتفريغ الطاقة والضغط والتوتر. أما النموذج الثاني فتتجه فيه الزوجة للإسراف لأنها تقارن نفسها بالآخرين في مجتمعها، والذي يحدث أن هؤلاء يتفاخرون بما لديهم وفي إسرافها تعتبر نفسها تنافس الجيران والصديقات في المشتريات، فقد سأل زوج زوجته ذات مرة لماذا لم نستطع الادخار كل تلك السنوات؟ فقالت له: «الجيران هم السبب فلو لم يكونوا يشترون ويتباهون بما لديهم ما كنت قلدتهم وصرفت المال لأكون مثلهم»!
وهنا لابد أن تكون هناك بدائل لتلك الزوجة كالاتجاه إلى العلم، الرياضة، الاهتمام بتربية الأولاد وعليها أن تعلم أن الإسراف والتبذير معصية، وأن هذا التفاخر سيغضب الله رب العالمين.
زوجة البخيل
ويضيف المستشار الحمصي: أما النموذج الثالث فهو لامرأة رجل بخيل، فتسعى للانتقام منه لأنه لا يلبي لها احتياجاتها، ولا يراعي مشاعرها، وتؤكد لنفسها أن هذا الصرف من حقها، وأن هذا التصرف ليس خاطئا، لكن الطريقة خاطئة في حل المشكلات لأنها ستزيدها تفاقما، لأن الزوج سيتجه إلى معاملتها بشكل سيء، أو يزيد من بخله أو يبتعد عنها، وعلى الزوجة في تلك الحالة اتباع أساليب مغايرة، وذلك بالابتعاد عن الإسراف بغية الانتقام من الزوج البخيل، وعليها أن تعزز في ذاتها قيم التسامح والعفو فأن توقد شمعة خير من أن تلعن الظلام.
وعليها أن تتجه إلى تعلم مهارات وفنون تستخدمها مع هذا الزوج البخيل كأن تكون أمامه أكثر حرصا على عدم الإنفاق لأنه سيرتاح نفسيا ويعتبرها غير مبذرة وقد يتركها تنفق لأنه أصبح يثق فيها وأنها لن تبدد ماله، وذلك لأن الزوج البخيل تنعدم ثقته في إدارة زوجته لماله، ويرى في بخله حرصا على عدم إضاعة المال فيما لا يجدي، ولأن زوجته غير أهل لإدارة المنزل، لذلك يجب أن تشعره الزوجة بأنها أكثر حرصاً منه على هذا المال، عندها سيشعر الزوج بالطمأنينة ويرتاح باله ويترك إدارة الأمور لها لأنها أصبحت في نظرة أهلا للثقة.
أما النموذج الرابع فهي الزوجة التي تتبع المثل القائل: «قصقصي ريشه لايروح لغيرك» وذلك لأنها تعتقد أنها عندما تنفق ماله كله لن يكون معه مال مدخر ليتزوج به من غيرها، والحقيقة أن سلوكها الخاطئ سيجعل الزوج يهرب
منها دون الحاجة لإنفاق ماله بغية تكتيفه، لأنه وعندما يقوم بحسبة بسيطة كم تنفق زوجته، وكم سيمنحها من أموال لحقوقها في حالة الطلاق، وكم سيتكلف عندما يتزوج بأخرى سيجد أن الموضوع أفيد له وسيدخر أمواله التي تنفقها الزوجة عبثا.
ويضيف د.الحمصي: سلوك الإسراف على الأسرة سيكون سلبيا وذلك لأن الزوجة استغنت عن الضروريات، وسيأتي عليها الوقت الذي لا تجد فيه إيجار البيت أو مصاريف الأولاد في المدرسة أو الجامعة أو حتى السلع الأساسية التي يحتاج إليها البيت من أجل الطبخ، كذلك لن تجد لديها مالاً لسداد فواتير الكهرباء أو الهاتف وهكذا، وهذا سيجعل رب البيت يلجأ للاستدانة سواء من الآخرين أو من البنك مما يربك ميزانية الأسرة التي ستتحمل أعباء إضافية وهذا بالطبع يؤدي إلى نشوب الخلافات والمشاكل داخل الآسرة.
أما العلاج فيتمثل في أن يجعل الرجل زوجته تشعر بالمسؤولية لأنها صاحبة دور فعال ومسؤول في الأسرة، وهي ليست مستهلك فقط ، وعليها ألا تصرف وتبذر لأنها ليست خارج دائرة الأسرة ومتطلباتها الهامة.
المغريات الترويجية شباك تصطاد الزبائن
إذا كان لدى الزوجة ضعف معين أمام السلع التي تتراقص على أرفف المحلات والسوبرماركت عليها أن تبتعد عن الذهاب إلى الأسواق وتتجنب المغريات الترويجية بشراء المزيد من السلع غير المرغوب فيها، وعليها أيضا أن تعلم أن الإعلانات في وسائل الإعلام هي ترويجية تهدف لبيع المزيد من المنتجات لحساب مكسب التجار.
وعليها أيضا أن تتجنب المجالس التي تتناول فيها النسوة تبادل الأحاديث السطحية مثل شراء الماركات والأثاث وكافة الأغراض التي تعد من الكماليات والرفاهيات، وأن تستبدل تلك الأحاديث بموضوعات هامة مثل تربية الأولاد، تعلم أشياء مفيدة، التناقش في أية ظواهر مجتمعية، فهذا سيبعدها عن ثقافة التفاخر والإسراف والتبذير.
ويواصل الحمصي: على المرأة كتابة حاجيات المنزل أولاً بأول، وعليها أن تذهب بتلك الورقة للسوق لتستعين بها بدلا من أن تشتري ما لا يلزمها، ويجب ألا تأخذ معها الفيزا كارد حتى لا تشعر بالضعف وتستعين بها إذا تجاوز شراؤها المبلغ المسموح الذي وضعته للإنفاق.
والمرأة التي تدعي أن الشراء والتسوق متعة تشعرها بالسعادة عليها أن تنظر للمتعة الأكبر وهي عندما تدخر المال وتمضي به لقضاء إجازة سعيدة، أو تستبدل به سيارة قديمة بأخرى حديثة.
وربما تجهل الزوجة في الأساس كيفية إدارة الأموال، لذلك على الزوج ألا يكلفها ما لا طاقة لها به، وينبغي عليه أن يحدد لها سياسة الصرف في المنزل، وأن هناك حاجيات وضروريات، والأولى هي التي يؤدي عدم وجودها إلى مشقة، مثل تعليم الأبناء، المواد التموينية، إيجار البيت وغيرها.
وللأسف أن بعض الأزواج يكتفون بالندم على المال الضائع ويندم على اختياره لتلك الزوجة، وهذا يزيد المشكلة تعقيدا، بل عليه أن يكون صاحب دورا فعالا، فإذا كان يعرف أن زوجته لا تمتلك مقومات الإدارة المالية وعندها ضعف من ناحية الشراء، عليه ألا يمنحها راتبه بالكامل، ولكن يعطيها بشكل يحملها المسؤولية بالتدرج، كأن يجعلها في أول شهر مسؤولة عن الأكل والشرب، ثم في الشهر الثاني يمنحها مسؤولية شراء الملابس، ثم في الشهر الثالث الأثاث وهكذا.
ومن المهم إذا كانت الزوجة تعمل أن يكون هناك فصل تام بين المالين، لأنه إذا اختلطت الأموال وأسرفت الزوجة لن يستطع محاسبتها لأنها سترد عليه بأنها تنفق أيضا من أموالها.
وإذا كانت الزوجة تعتبر الشراء متعة فعلى الزوج أن يقوم بإشباع تلك المتعة لديها وذلك من خلال تكليفها بشراء أشياء معينة يحتاجها البيت والأولاد بشكل تدريجيا وعليه ألا يمنح الزوجة أموالا تفيض عن احتياجاتها من الشراء بل يمنحها بقدر ما ستشتري، ويدخل في هذا الإطار أيضا مصروف الزوجة التي يمنحه لها ليكون مالها الخاص تنفق منه دون الأخذ من مصروف البيت، فتحديد الملكيات أمر مهم جدا لمنع إسراف الزوجة، وبالتدريج يستطيع الزوج أن يحملها مسؤوليات وأعباء المنزل ولكن عليه أن ينبهها أن تلك الأموال لابد وان تكفيها لآخر الشهر.
وفي النهاية أؤكد أنه مثلما توجد امرأة مسرفة يوجد أيضا رجل مسرف، وفي ظل الأزمة المالية التي يعيشها العالم نحن بحاجة ملحة لتعديل سلوكياتنا الخاطئة في الإنفاق تحسبا ليوم غد، ولقد أمرنا الله سبحانه وتعالى في حياتنا بالتوازن، ويدخل في نطاق ذلك التوازن بين الكسب والإنفاق على مستوى البيت، وعلى مستوى الدولة، ولا يجب أن يكلف الفرد نفسه ما لا يطيق، وأصل ذلك قول الله تبارك وتعالى: (لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا، لَهَا مَا كَسَبَتْ، وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ ح) [البقرة: 286]، ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «لقد أفلح من أَسْلَمَ، وكان رِزْقُهُ كَفَافًا، وَقَنَّعَهُ اللهُ بِمَا آتاه» (لترمذي).



ليست هناك تعليقات: