١٣‏/٠٤‏/٢٠٠٩

الطلاق يهدد الكيان الأسري واستقرار المجتمع 2


تحديات كثيرة تهدد استقرار الأسرة وكيان المجتمع، منها تحديات خارجية مثل التأثر بالعولمة والاقتداء بالنماذج السلبية التي يبثها الفضاء المفتوح، ومنها داخلية تنبع من انعدام الفهم والوعي بين الزوجين بأهمية الاختيار الصحيح وتكافؤ الطرفين، والجهل بمسؤولية كل فرد في الإسرة، والاهتمام بالمادة مع طغيان النزعة الاستهلاكية، والافتقاد الى الثقافة الزوجية، والأمية العاطفية.

ولعل من أهم التحديات التي تواجه الأسرة، العولمة التي تسعى الى اذابة الحدود والفروقات الاجتماعية، وشيوع القيم الإنسانية المشتركة التي تجمع بين البشر وتهدف الى القضاء على بنية الآسرة وهدمها ومحو خصوصيتها، وتهميش دور الأمومة ودور العلاقات الأسرية وتماسكها، ووسائل الإعلام وشبكة المعلومات وهي تحديات تقف امام التماسك الأسري.المستشار الآسري الدكتور أحمد الحمصي يؤكد أن أهم الأسباب التي تثير المشاكل وتهدد كيان الآسرة، ما يبث خلال وسائل إعلام الفضاء المفتوح من نماذج سلبية تدعم الاهتمام بالحضارة المادية التي تحيط بنا، وتسخر الآلات الحديثة لخدمة الإنسان، وتجعله ينسى إنسانيته، فبدأ الناس يلهثون وراء المادة والمظاهر الزائفة ويقيمون الشخص بمقدار ما يملك من سيارة وهاتف جوال وغيرها من مظاهر الحياة.
ومن المفروض تسخير كافة الأمكانيات الحديثة لخدمة الإنسان لا يكون هو تابعا لها، ونحن بحاجة الى تهيئة الجيل القادم لأننا للأسف نستقي ثقافتنا الزوجية من الأفلام والمسلسلات المدبلجة، والأسرة العربية تعيش (التصحر العاطفي) حتى أن معظم الشباب والشابات المقبلين على الزواج ليس لديهم دراية او معرفة بكيفية الإفصاح عن عواطفهم وطرق التعبير عنها، مما يخلق بينهما جوا مشحونا بالغضب.
حيث تربى الرجل العربي على موروث ثقافي يمنعه من التعبير عن مشاعره، وكذلك الفتاة التي لا تتحلى بالنضج العاطفي، فيسهل الإيقاع بها من أي شاب يأتي ويغمرها بالكلام المعسول ويقوم بابتزازها عاطفيا، ثم يتقدم لخطبتها فتصر على الزواج منه ثم يظهر على حقيقته بعد الزواج. ومن هنا تبدأ الخلافات الزوجية المحتقنة التي تؤدي الى الطلاق، بجانب عدم وجود ثقافة عاطفية حيث نهتم بالتنشئة الأولى للطفل بتعليمة لغويا ولا نهتم بتعليمة كلمات عاطفية تتعلق بالمشاعر والإفصاح عنها.
ويشير ايضا الدكتور على شراب، أستاذ علم النفس والعلاقات الإنسانية وخبير تطوير المهارات البشرية الى دور العولمة قائلا: للأسف فإن ثقافة المجتمع مازالت في بدايتها، فحتى الآن نعيش في منطقة ضبابية من حيث الهوية والمعرفة، لا نعرف نحن مع الشرق او مع الغرب، وهذا يؤدي الى عدم وضوح مسؤولياتنا ومنها مسؤولية الأسرة، وهذا يتسبب في الخلل الحاصل حول ضياع الأدوار. وعدم تعلم المرأة والرجل مسؤولياتهما يجعلهما غير واعين بأدوارهما الحقيقية داخل الأسرة، لهذا فإن من أسباب الطلاق المبكر عدم المسؤولية من الطرفين او احدهما.
33 وراء انتشار الطلاق
الإعلامي عادل حسين آل ربيعة، مدير إدارة العلاقات العامة والاتصال في بلدية أبوظبي، يقول: تتعدد أسباب الطلاق بسبب وجود بداءل غير شرعية متاحة، وسهولة الاهتمام بالمظاهر والمحاكاة، اهتمام الشباب بشراء سيارة أكثر من الإقدام على الزواج، أختلاف التعليم والثقافة، وجميع المقبلين على الزواج تنقصهم الثقافة الزوجية، فجميعهم تزوجوا بعد ان تخرجوا من المدرسة أو الجامعة دون أن يكونوا مؤهلين ومستعدين فعليا لتحمل مسؤوليات الزواج، وهناك دراسات كنت دائما أستعين بها في برامجي الإذاعية تؤكد أن هناك أكثر من 33 سببا للطلاق، منها على سبيل المثال الرغبة في الزواج من أخرى، تدخل الأهل، أهمال الأسرة، تناول المخدرات والخمور، أسباب تعسفية، الخلافات المادية.
وجود بدائل كثيرة لإقامة علاقات أو زيجات أخرى، وتمثل ظاهرة الطلاق إحدى أكثر الظواهر الاجتماعية قلقا لمجتمع الإمارات، وقد ترافق تزايد حدة مشكلة الطلاق مع الطفرة الاستهلاكية التي شهدتها الدولة في العقدين الأخيرين، فقد كانت معدلات الطلاق طبيعية ومقبولة قبل الطفرة النفطية، لكنها ازدادت تفاقما نتيجة النزعة الاستهلاكية التي سيطرت على المجتمع، وأدت إلى تباعد أفراد الأسرة الواحدة.
وللأسف لو سألت شابا، هل ترغب في زوجة أو شراء سيارة جديدة؟ فإنه سيقول أشتري سيارة جديدة افضل، وهذا السؤال طرحته بالفعل على الهواء مباشرة في أحد برامجي وكانت النتيجة أن 60% من المشاركين اختاروا السيارة طبعا!
ويؤكد يوسف الحوسني، رئيس مجلس إدارة الأصالة لتنظيم المؤتمرات، أن الإمارات كسائر المجتمعات العربية بها بعض الظواهر السلبية، ألا أن القيادة الرشيدة تتبنى السياسة الاجتماعية للحفاظ على كيان الأسرة والاهتمام بها لانها نواة المجتمع، فإذا كانت الأسرة بخير فإن المجتمع بخير، وظاهرة الطلاق موجودة في كافة المجتمعات مع اختلاف نسبتها حسب الظروف الاقتصادية والتعليمية والثقافية، والحقيقة أن للعولمة دورا في هدم البيوت.
بالأفكار الموجهة عن عمد الى المجتمعات العربية من خلال الانترنت والفضاء المفتوح، من خلال تحريف الأحاديث الدينية والقصص والوقائع الإسلامية، فإذا لم يكن لدينا الوعي الإسلامي الصحيح وكنا من ذوي الثقافة المحدودة فإننا ننجرف وراءها، فنجد الشباب المراهقين يتبنون أفكارا مزعجة تحت راية الحرية والديمقراطية، رغم ان لهما حدودا.
وتقول المستشارة الأسرية، راية المحرزي: بحكم عملي في الميدان، فقد طفت جميع انحاء الدولة، وعرفت أن أهم أسباب الطلاق قلة التأهيل والتأسيس من جهة الطرفين وعدم وجود ثقافة زوجية، وهي في الأساس مسؤولية الأسرة التي يتولاها الأبوين، فمسؤولية تأهيل البنت أو الولد تقع منذ البداية على التربية والنشأة، فالأطفال مثل الكتاب الأبيض يمكن تشكيلهم بسهولة في بيئتهم التي نشأوا فيها، فالأب هو قائد السفينة والعمود الفقري للعائلة وعليه يقع عبء تربية الأولاد وتأهيلهم للحياة القادمة، كذلك الأم يقع عليها تربية وتأهيل البنت لتستعد لحياتها الزوجية فيما بعد، والتوعية من خلال المحاضرات أو المدرسة تأتي مكملة لدور الأم والأب.
عبد العزيز النعيمي: عدم التكافؤ بين الزوجين علمياً ومادياً واجتماعياً نقطة ضعف
الدكتور عبد العزيز بن علي النعيمي، الرئيس التنفيذي لأحد المراكز الخيرية، يشير إلى أنه من الأسباب التي تؤدي الى أنهيار الأسرة، عدم التكافؤ بين الزوجين من الناحية التعليمية والمادية والاجتماعية، كذلك هناك تحديات تواجه الأسرة في بداية الزواج وهي عدم معرفة ما يحب أو يكره الزوج أو الزوجة.
وعدم وجود معايير تقوم عليها أهداف الأسرة، مثل عدم السماح بتدخل الأهل أو الأصدقاء بين الزوجين بالأكاذيب، فتتحول الخلافات البسيطة الى مشاكل عويصة، وعدم معرفة الواجبات والمهام التي تقع على عاتق الزوجين في مؤسسة الأسرة، والتسرع في اتخاذ القرارات، والإسراف والمبالغة في الحياة الزوجية مما يترتب عليها أعباء مادية تثقل كاهل الأسرة، وعدم الامتزاج الكامل بين الزوجين روحيا وفكريا وعاطفيا وجسديا، وعدم وجود صبر وتسامح بين الزوجين، وعدم فهم الذات وعدم وضوح الرؤية والأهداف بين الطرفين.
كما يؤكد الداعية الإسلامي، فضيلة الشيخ الدكتور طالب الشحي، رئيس قسم الوعي في هيئة الشؤون الإسلامية: ان أكبر تحد يواجه الزوجين هو تدخل الشيطان الذي يبحث عن اية ثغرة ينفذ بها الى حياتهما ليفرق بينهما، وكما في الحديث الصحيح ان الشيطان من الشياطين لا يدنو ولا تعلو منزلته عند الشيطان الأكبر إلا إذا فرق بين الزوج وزوجته، لذلك على الزوجين أن يواجها الشيطان والوساوس والخواطر التي تدمر حياتهما.
وكما قال الرسول (صلى الله عليه وسلم) إن الشيطان يضع عرشه على الماء ثم يبعث سراياه في الناس فأقربهم عنده منزلة أعظمهم فتنة، يجيء أحدهم فيقول له مازلت بفلان حتى تركته وهو يقول كذا وكذا فيقول إبليس: لا والله ما صنعت شيئاً ويجيء أحدهم فيقول ما تركته حتى فرقت بينه وبين أهله فيقربه ويدنيه .
ويقول: نعم أنت ذاك تستحق الإكرام. رواه مسلم لذلك فمن أولى التحديات التي تواجه الاسرة هي مسألة الشيطان، وعلينا ان نقول إذا دخلنا بيوتنا بسم الله، وإذا خرجنا منها بسم الله توكلت على الله ولا حول ولا قوة الا بالله، ليتنحى ابليس، ولابد ايضا أن نأخذ بعين الاعتبار مسألة السحر والعين وكثيرا تأتيني حالات يرغب فيها الزوجان الانفصال لأنهما لا يطيقان بعضهما. لذلك لابد أن نتمسك بالرقية الشرعية وتلاوة القرآن الكريم فمن يحفظ الله يحفظه.
وهناك تحد آخر، وهو عدم معرفة الطرفين بشخصية الآخر، وتلك من اهم أسباب أساءة المعاملة والخلافات الزوجية، وايضا يقابل الزوجان تحد آخر فيما يبثة الفضاء المفتوح وما يقدمه من نماذج سيئة للحياة الزوجية وعلينا أن نقتدي بسنة نبينا محمد (صلى الله عليه وسلم) ونضع الصحابة نبراسا لنا.


ليست هناك تعليقات: