٢٧‏/٠٩‏/٢٠٠٨

قلق سلامة الوصول




هاتفت ابنتها تبارك لها شهر رمضان وتخبرها عن اشتياقها العارم لرؤيتها، ولم تستطع حبس دموعها وهي تؤكد لها أنها تشعر بفراغ كبير منذ أن رحلت إلى الوطن الأم لتنهي دراستها الجامعية هناك، فجاء صوت ابنتها مخنوقا بالبكاء وهي تخبرها بأن هذا هو أصعب شهر رمضان مر عليها منذ طفولتها وحتى الآن.
وأنها ورغم وجودها في الوطن إلا أنها تشعر بغربة حقيقية ووحشة لكل مكان في الإمارات، ولما لا؟ فقد ولدت هنا وتنقلت في المراحل التعليمية حتى نالت الثانوية العامة، وبعدها قررت وبمحض إرادتها الانتقال إلى الوطن الأم لتدرس هناك، ورفضت توسلات الأم التي رغبت فيها أن تلتحق ابنتها بأية جامعة خاصة في الإمارات لتكون بجوار والديها وأخيها.
أجهشت الفتاة بالبكاء، كذلك لم تتمالك نفسها الأم وشاركتها بحيرة الدموع، وسألت ابنتها إذا كانت ترغب في قضاء شهر رمضان في الإمارات، وبترحيب وفرح رحبت الفتاة بالفكرة، وتوقف نحيبها، وسألت والدتها عن اليوم الذي يمكنها المجيء فيه، فطلبت الأم من ابنتها أن تعطيها فرصة للصباح حتى تذهب إلى شركة الطيران وتسأل عن أقرب فرصة لمجيئها.
وفي اليوم المحدد لوصول الابنة، وبعد آذان المغرب تناولت الأم إفطارها وجلست تتصل كل خمس دقائق تقريبا برقم هاتف المطار لتستعلم عن موعد الطائرات المتوقع وصولها خلال الساعات القليلة القادمة، خاصة وبعد أن علمت في اتصال هاتفي بابنتها ان الطائرة التي ستقلها لتصل إلى أبوظبي قد تأخرت ساعة كاملة.
أمسكت بالريموت كنترول تقلب في القنوات، تتابع هذا المسلسل ثم تتركه إلى آخر، تنظر إلى الساعة كل خمس دقائق تقريبا، تنتظر أن تشير عقارب الساعة إلى العاشرة وهو الموعد الذي قررته للنزول من المنزل والاتجاه إلى المطار لانتظار قدوم ابنتها بالسلامة.
شعرت ببعض القلق على ابنتها، وبدأت تتمتم ببعض الأدعية وتتجه إلى الله سبحانه وتعالى ليحمي ابنتها وان تصل إليها بالسلامة، اتجهت إلى المطبخ تغسل بعض الصحون وترتب ما تبقى من مائدة الإفطار، ورغم انشغالها بتنظيف المطبخ.
إلا أنها لم تنس موعد وصول ابنتها، فتنظر إلى الساعة باستمرار. اتجهت ثانية إلى التلفاز تقلب في القنوات وهي تنظر إلى ساعتها في ملل، أمسكت بالهاتف تتصل بالمطار لتسأل عن موعد وصول الطائرة، فأخبرها الصوت الآلي بموعد الوصول القديم دون حساب الساعة التي تأخرتها الطائرة قبل الإقلاع.
ومن شدة قلقها وخوفها أن تصل ابنتها إلى المطار فعلا في هذا الوقت المتأخر دون ان تجد أمها في انتظارها، انطلقت إلى الشارع، واستقلت سيارتها ووصلت إلى المطار، وجلست لتنتظر الإعلان عن هبوط الطائرة، وبدأ منتظرو الطائرة في الشعور بالقلق لتأخرها، وما هي دقائق إلا وأعلنت اللوحة الالكترونية عن تأخر الطائرة لمدة ساعة.
مرت الساعة بطيئة وهي مع الناس تتابع لوحة مواعيد وصول الطائرات المتوقع، ورغم أنها كانت تعلم بتأخر الطائرة إلا أنها انساقت وراء قلق المنتظرين لوصول ركاب الطائرة، وبدأت تتساءل هي الأخرى عن السبب، ووقف الجميع ينظرون بشغف إلى اللوحة وكأنهم يرجونها أن تتحدث وتخبرهم عن موعد قدوم الأحبة، وبعد ساعة كاملة أكدت لهم وصول الطائرة، وهنأ الناس بعضهم البعض بسلامة الوصول.



====================

ليست هناك تعليقات: