٢٥‏/١١‏/٢٠٠٨

تعليم المرأة بوابة الأمن الاقتصادي والنفسي والاجتماعي


يمثل التعليم القوة المحركة لتطور المرأة الإماراتية حيث تفوقت فيه محليا ودوليا في إطار برامج الابتعاث التي تتبناها الحكومة الإماراتية منذ قيام الإتحاد، ولقد تفوقت النساء على الرجال في جميع المستويات التعليمية في الدولة وفقا لتقرير صادر عن مؤسسة «برايس ووتر هاوس كوبرز» فإن نسبة الإماراتيات بلغت 77% من طلبة الجامعة .

وبذلك تكون الإمارات سجلت أعلى نسبة للنساء في التعليم العالي في العالم بأسره، وتعتبر الأمم المتحدة الإمارات من بين أكثر الدول النامية تعليما للمرأة. وفي سبيل تطوير معايير التعليم الكلي في الدولة خصصت الحكومية ما يقارب 25% من الميزانية الاتحادية للتعليم لعام 2007م، أي ما يوازي 98,6 مليارات درهم .وهي زيادة لخمسة أضعاف عما كانت عليه الميزانية عام 1994م والتي بلغت 7,1 مليار درهم إماراتي، وتلك الأرقام لا تتضمن الإنفاق الحكومي المحلي بإسهاماته الكبيرة في قطاع التعليم الخاص.الاستطلاع الآتي يتناول أهمية التعليم بالنسبة للمرأة الإماراتية وهل يشكل بالفعل عنصر أمان لها..
فاطمة عبيد المغني رئيسة مجلس سيدات الأعمال في الشارقة بدأت حديثها ببيت الشعر القائل: «العلم يرفع بيوتا لا عماد لها، والجهل يخفض بيوت العز والكرم» ثم واصلت: لا غنى عن التعليم لكل أمة تنشد التقدم والتطور، فهو البوابة لكل أمن سواء كان نفسياً، اجتماعياً أو اقتصادياً، والتعليم يشكل عنصر أمان للفتاة الإماراتية لأنه بالتعليم ترتقي الأمم، والإماراتية أخذت دورها وحظها الوافر من التعليم.
حيث كفلت لها الحكومة مجانية التعليم مثلها مثل الرجل ومنذ سن الطفولة، كما لها الحق في الدراسات العليا والابتعاث خارج الدولة دون تمييز، وقد استفادت المرأة الإماراتية كثيرا ومطلوب منها ان تثبت المزيد من جدارتها، فالذي حصل في الإمارات اليوم أننا سابقنا الزمن وهذا يضع مسؤولية كبيرة على بنت الإمارات.
فالمرأة المتعلمة قادرة على أن تصنع اقتصادا جيدا في مجتمعها، وأن تصنع أمنا اسريا لأبنائها وأسرتها في ظل مجتمع آمن، وهي قادرة على أن تمتلك الأمن الاجتماعي، والمرأة الجاهلة المتخلفة لا تستطيع أن تفعل ذلك بل هي معول هدم يقابل التطور، ولن يكون لها وضع اجتماعي.
وقد وقفت سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك بجانب المرأة في كل المحافل وخاصة التعليم، حيث تؤكد الإحصائيات أن المرأة الإماراتية الآن تعدت مرحلة الأمية بنسبة بسيطة جدا، وقد قالت سموها لا أرضى أن تكون امرأة واحدة تشكو من الأمية في بلدي.
وواصلت فاطمة المغني: لقد كانت المرأة الإماراتية دائما العمود الفقري للحياة الأسرية والبنية الاجتماعية للدولة، ولاتزال تؤدي دورا مهما في الحفاظ على التراث الإسلامي والثقافة الوطنية للدولة، وقد أدى حماسها والتزامها طوال الثلاثة عقود والنصف الماضية للاستفادة بقدر الإمكان من الفرص المتاحة لتدعيم وتشجيع سياسات الحكومة واستراتيجيتها للمساوة بين الجنسين، ونتيجة لذلك تفوقت بعض النسوة الإماراتيات وأصبحن رائدات في مجال عملهن.
فك الخط أفضل من الأمية
الدكتورة فاطمة الصايغ استاذة التاريخ في جامعة الإمارات أكدت أن التعليم هو حجر الأساس في كل السياسات المختصة ليس فقط بالمرأة لكن بالإنسان ككل، فإنسان جاهل يعني سياسات غير فعالة والعكس صحيح، وبدون التعليم لا يمكن النهوض بالمحاور المختلفة، كالمحور الثقافي والاجتماعي، الاقتصادي، البيئي، والأمني، وجميعها تتعلق بأهم محور وهو التعليم، فبدون التنمية الثقافية التي تبدأ بالتعليم لا فائدة في تنمية الجوانب الأخرى.
فالمرأة الإماراتية أخذت حقوقها عندما وضعت أولى خطواتها على السلم التعليمي، حتى لو أخذت الابتدائية، فالمرأة القادرة على فك الخط هي أفضل من المرأة الأمية.
والمرأة التي نالت الشهادات العليا هي امرأة فاعلة في المجتمع، وعلينا استخدام الإعلام كوسيلة تثقيفية للمرأة وليس كما هو الآن وسيلة ترفيه أو للحط من قدر المرأة، وعلينا الاستفادة من استخدام الدين للارتقاء بالوضع الإنساني بوجه عام، فالقرآن وجه رسالته الأولى للرجال والنساء على حد سواء.
وتعليم المرأة لا يتوقف عليه فقط الأمان الاقتصادي لها، بل يشكل لها أيضا الأمن الاجتماعي، فالمرأة المطلقة أو الأرملة أو غيرها هي قادرة بالتعليم أن توفر لنفسها الأمان الاجتماعي عندما تعمل ويكون لها دخلا ماديا تستطيع الإنفاق منه على نفسها، فللأسف نحن بيئتنا قبلية وأسرية متشددة.
والمرأة إذا لم تكن تمتلك التعليم فهي غير قادرة على كسر بعض العادات والتقاليد المجحفة بحقها والتي يجب التخلص منها، والإسلام يحثنا أيضا على التخلص منها لأنها ليست من تعاليمه.
وأضافت د. الصايغ: وقد حققت الإمارات الأمان التعليمي للمرأة منذ البداية عندما وفرت لها مجانية التعليم، من مرحلة رياض الأطفال وحتى الدراسات العليا، فما تريده المرأة الإماراتية أكثر من ذلك، فأنا درست لطالبات في أمريكا وجميعهن يعملن لتوفير نفقات الدراسة، فأخبرتهن كيف أن الحكومة في الإمارات اهتمت بتوفير التعليم بالمجان للمرأة وللرجل؟
وكيف أن الطالبة الإماراتية عند حصولها على الشهادة العليا بمعدل يتيح لها الالتحاق بالدراسات العليا، تساعدها الدولة للذهاب لنيل الماجستير والدكتوراة بالمجان، وهذا في حد ذاته أمان غير متوفر لمثيلاتها في معظم دول العالم.
وعن تغيير السياسات التعليمية قالت د.الصايغ: هي كأي سياسات لابد أن تطور كي تواكب العصر، فهل السياسات التعليمية التي نشأت عليها كطفلة تصلح لطلاب هذا العصر الذين ولدوا ونشأوا يحيط بهم التطور في كافة مناحي الحياة؟، فهل ما درسته في الجامعة منذ سنوات مضت يصلح أيضا للدراسة في هذا العصر؟
بالطبع لا،السياسات التعليمية غير القيم التي نريد أن نعطيها للطلاب فالأولى متغيرة والثانية ثابتة وعلينا أن نفرق بينهما، تتغير المناهج ولكن الدين والقيم الجميلة لا مساس بها، لقد صارت البنات مثل الغراب الذي يقلد مشية الطاوس.
فهن لا يعرفن اللغة العربية ولا الإنجليزية، فهل السياسات التعليمية تهدف الى إيجاد جيل يتحدث باللغة الإنجليزية أم جيل متعلم ومتطور يعرف ما يحدث في العالم ويتحدث أيضا الإنجليزية مع التمسك بلغته العربية، ربما ينفعنا دراسة الإنجليزية في هذا الزمن وربما بعد عقدين علينا أن نتعلم اللغة الصينية لأن كل المصانع والتقنيات تأتي من عندهم.
حبيسة الجدران
وقالت أشواق العجيل الموظفة من وزارة الشباب والرياضة وتنمية المجتمع: عندما ننظر للمرأة الإماراتية قبل سنوات عديدة وقبل أن ينتشر التعليم في الدولة نجد أنها كانت امرأة بسيطة حبيسة بين جدران منزلها، لا قيمة لها، ينحصر دورها فقط في البيت، لكن وضعها تغير الآن بعد التعليم واطلاعها على الثقافات الخارجية وصارت لديها القدرة للتميز بين الصح والخطأ.
وبالتالي يمكنها اختيار ما يصلح لها من العولمة التي باتت تحاصرها، والمناسب مع عاداتها وتقاليدها، وقد أخذت الدولة على عاتقها الاهتمام بتعليم المرأة وبذلت الجهود المكثفة في ذلك وكانت النتيجة واضحة بارتفاع النسب في تعليم المرأة وحصولها على أعلى الشهادات.
وبالتالي دخولها مجال العمل بلا شروط، كذلك وصلت للوزارة والبرلمان، والتعليم يشكل أمنا اقتصاديا للمرأة، رغم أنها في الإمارات لا تتجه للعمل من منظور اقتصادي فقط ولكنها ترغب في أن تحقق ذاتها وتساهم في تنمية المجتمع.
وأشارت بدرية صالح رئيسة مفوضية مرشدات أبوظبي إلى أن التعليم تطور الى درجة كبيرة قائلة: المناهج التي كنت أدرسها في الثانوية العامة يدرسها أولادي الآن في المراحل الأولى من التعليم بجانب دخول الكومبيوتر لغة العصر في المناهج في جميع المراحل التعليمية وهذا لم يكن متوفرا من قبل.
وكانت الفتاة في السابق تتزوج فور حصولها على الثانوية العامة، ولم تكن تفكر جديا في التعليم الجامعي ولكن مع ازدياد الوعي بأهمية إكمال دراستها الجامعية، زادت نسبة الفتيات اللواتي التحقن بالجامعة ثم الدراسات العليا فيما بعد، وأصبح الآن أمرا عاديا أن نرى الكثيرات من بنات الإمارات حاصلات على الدكتوراة.
ولم يعد المثل القائل «إن المرأة ليس لها إلا بيتها»، فقد انطلقت المرأة من القمقم الذي تعيش فيه ونالت أقصى درجات العلم وبدأت تنافس بجدارة الرجل في الوظائف والمناصب العليا في الدولة، وأصبحت وزيرة وما تحقق للمرأة الإماراتية كان بسبب دخولها للتعليم الكثير.
وفي اعتقادي أن هناك نساء كثيرات في دول أخرى تحسدنا لما تحظى به المرأة في الإمارات من مكانة مميزة استطاعت أن تنالها، والمرأة أصبحت تشارك الرجل في جميع الأمور المالية الخاصة في بيتها لذلك فالتعليم يمنحها أيضا أمانا اقتصاديا، والتعليم ليس سببا للعنوسة كما يدعون، بالعكس الرجل أصبح متطورا عقليا وأصبح يرغب في زوجة متعلمة وعاملة أيضا.
===============================

ليست هناك تعليقات: