١٩‏/١١‏/٢٠٠٨

«تسونامي» العولمة يتراجع أمام أصالة المجتمع




العولمة والغزو الثقافي باتا أمرا واقعا في معظم مجتمعات العالم التي تأثرت بالفكر الغربي وأصبحت تمارسه بإرادتها، فهناك تحديات موجعة تواجه شعوب العالم بانمحاء شخصيتها وهويتها الوطنية، إلا أن مجتمع الإمارات قادر بقوة على التصدي لهذا الهاجس الذي يؤرق شعوب العالم، لأنه لايزال متمسكا بهويته وأصالته وتراثه العتيق ودينه الإسلامي الحنيف، كما أن هناك جهودا كبيرة تقوم بها الدولة للوقوف ثابتة قوية في مواجهة رياح العولمة.
تؤكد الباحثة آمنة عبد الله الشهياري في بحثها «الهوية والثقافة الوطنية في الإمارات بين الواقع والطموح»: إن العولمة الثقافية أحد أبرز مجالات العولمة انتشارا بعد العولمة الاقتصادية خاصة في ظل الإمكانات التكنولوجية المتاحة والإعلامية التي تسهم في انتشارها على المستوى العالمي.
حيث أصبحت العولمة الثقافية اليوم تشكل هاجسا لكل المهتمين بمجال الثقافة والحياة الاجتماعية في المجتمعات الإنسانية خصوصا بعد الحديث عن تأثيرات العولمة الثقافية على الثقافات الوطنية للشعوب واعتبار العولمة الثقافية في أحد جوانبها غزوا ثقافيا وفكريا جديدا للثقافات.
وأن الهوية والثقافة الوطنية في دولة الإمارات تعيش خطرا وتهديدا كبيرين في ظل التحديات الداخلية والخارجية خصوصا في ظل العولمة بمجالاتها المختلفة وأن هذه التحديات لابد وأن تؤخذ على محمل الجد من قبل المسؤولين في الدولة ولابد من التصدي للتحديات الداخلية وعلاجها حتى يمكن علاج التحديات الخارجية.
كما تؤكد على ضرورة نشر الوعي الثقافي بين الأفراد في المجتمع بمختلف مكونات البناء المجتمعي في كافة مجالات الحياة مع مراعاة جانب الحرية التي بدونها لا يمكن للثقافة أن تتنفس نموا صحيحا وتصبح قادرة على المقاومة والاستمرار في تقويتها باستخدام أحدث الوسائل التقنية والعلمية.
نتأثر ونؤثر
ويرى الدكتور السيد محمد الهاشمي مدير دائرة الخدمات في مؤسسة التنمية الأسرية أننا ضمن منظومة العالم والعولمة تؤثر فينا ونتأثر بها، ومن الخطأ أن نعتبرها خطرا داهما علينا، لأنه يمكننا أن نستفيد منها في أمور كثيرة جدا.
ومن المفروض أن نعوّد أنفسنا على المساهمة في العولمة ولا يقتصر دورنا على التلقي السلبي فقط، فهناك إبداعات محلية وهناك قدرات يمكن أن نستفيد منها ومن خلالها نؤثر أيضا، فالعولمة لا تشكل خطرا علينا خاصة إذا كنا متمسكين بقدراتنا العلمية، الشخصية، بالثقة في النفس وإمكانياتنا المتاحة وبدورنا نستفيد من تجارب العالم، فمشاركتنا في العولمة هي في مدى التأثير والتأثر في محاورها.
وقال عبد الرحيم محمد الحمادي مدير إدارة الموارد البشرية في مؤسسة التنمية الأسرية: العولمة شر لابد منه فليس لدينا خيار بأن نكون بعيدين عن الذي يحدث في العالم كله، فقد تحول العالم من قارات الى قرية صغيرة وتأثير العولمة موجود وتأثيرها الاقتصادي واضح ففي ظل أزمة الائتمان العالمية الموجودة في أمريكا والانتخابات الأمريكية تأثرت سوق الأسهم الموجودة في سنغافورة.
أما العولمة الاجتماعية فهي موجودة اليوم بوضوح، فالثقافة والحياة الغربية أصبحت تهيمن على العالم العربي بأكمله، حتى اللغة أصبحت موحدة في العالم، وطريقة الفكر السياسي الأوربي والأمريكي وإعطاء الحريات تأثرت بها البلدان التي كانت تتواجد بها حريات أقل.
وشعب الإمارات متمسك جدا بتراثه ومحافظ على ثقافته وعلاقاته الاجتماعية، ونحن نعيش عصر السرعة والطفرة الاقتصادية، فكان لذلك تأثيرا مباشرا على الأسرة الإماراتية ومنظومتها، ونحن كمواطنين أصبحنا أقلية في الدولة، فمثلا إذا سافرت الى أية دولة فأنت مجبور أن تتحدث بلغتها، نحن عندما أتى الآسيويون تعلمنا لغتهم، إذن فالعولمة أثرت في لغتي.
تضافر الجهود
الخبير الاجتماعي الأستاذ الدكتور حسن إسماعيل عبيد يقول: تهدف العولمة الى محو الجغرافية وإذابة كل الفوارق والتباينات الثقافية والعلمية والفنية في المجتمعات لتتحول الى مجتمع كوني، وبالتالي هناك هدف استراتيجي وهو محو الثقافات الفرعية لذلك تعتبر العولمة أحد مهددات البنى الثقافية للمجتمعات.
وإذا لم تتضامن جهود الدول والمجتمعات ومنظمات المجتمع المدني لبناء سد يحميها من تسونامي العولمة فأن المجتمعات البشرية خاصة المجتمعات العربية ستكون في خطر، وهناك بعض البشائر التي تؤكد أن العولمة دخلت البيوت من خلال الغزو الفضائي.
ومن خلال الإملاءات الفوقية التي أصبحت ترد للدول وتطالبها بتنفيذ تغيير المقررات الدراسية وتغيير أنماط الثقافة، وتغيير الأنماط الفكرية والمرجعية الحضارية للدول، واستسلمت كثير من الدول لهذه الإملاءات.
ويرى طارق ناصر الكلباني رئيس شعبة الأبناء العاميلن والمتزوجين في دار زايد أن العولمة لها سلبيات وإيجابيات وتأثيرها في الإمارات بسيط لا يشكل حجما كبيرا للتهديد، فنحن لدينا طبيعة خاصة تحكمنا العادات والتقاليد، فالدولة تسعى جاهدة للمحافظة على الموروث الثقافي والهوية الوطنية، إلا أننا نواجه مشكلة بسبب الكم الهائل من الوافدين في الدولة، لذلك لابد أن تتضافر جهود الأفراد مع الدولة لعدم فقدان هويتنا الخاصة.
في حين يؤكد محمد عبدالله الظاهري مسؤول العلاقات العامة في دار زايد أن الأمر يعتمد على بيئة كل دولة، والإمارات لها هوية واتجاه خاص يختلف عن غيرها من الدول، فهناك أساسيات مازلنا متمسكين بها ويقع على المرأة عبء كبير لأنها مؤسسة الأجيال.
فدخول الثقافات الغربية وتأثيرها على المجتمع، فمثلا هذا الجيل الجديد نسي لغته لأنه يتحدث مع والديه باللغة الإنجليزية، وإهمال اللغة العربية مشكلة كبيرة ربما سنعرفها فيما بعد، لذلك لابد للأم ان توجه أولادها للحفاظ على لغتهم والاعتزاز بها مع معرفة وإتقان اللغات الأجنبية الأخرى.

======================

ليست هناك تعليقات: