٢٦‏/١١‏/٢٠٠٨

«الفيس بوك» ...وما يأتي منه




هاتفتها صديقتها في وقت متأخر من الليل تأخذ رأيها في مشكلة ألمت بصديقة لها، وأخذت تقص عليها القصة وهي تلح في السؤال عن كيفية فضح تلك المرأة التي خطفت زوج صديقتها من بيته ومن أولاده؟
فأجابتها بهدوء: حرام عليكم أن تفعلوا ذلك، فردت المرأة: أليس حرام عليها أن تهدم أسرة بأكملها، أخذت تلعن المرأة «الفيس بوك» .
والذي يأتي منه، لقد تعرف الرجل والذي يعمل في مكانة لا بأس بها على تلك المرأة الشابة عن طريق الفيس بوك، وتغيرت أحواله الى النقيض، فأهمل بيته وترك غرفة نومه الى غرفة أخرى يستطيع فيها ان يتحدث مع تلك المرأة التي تعرف عليها بحرية، وطوال ليله ونهاره مشغول بإرسال رسائل نصية من موبيله الذي لا يبارح يده أبدا حتى إذا دخل الحمام.
سألتها عن عمره، وسن المرأة التي تعرف عليها، فأجابت إنه في الخامسة والخمسين من عمره، والمرأة في أواخر الثلاثينات، وقد شغلت تفكيره بالكامل، وأصبح في حالة هيام وعشق، ولا يدري ماذا يدور حوله.
سألتها ثانية وكيف عرفت زوجته بالأمر، فأجابت الصديقة:عندما بدأت تتبدل أحواله فيجلس بالساعات أمام الكومبيوتر واهتمامه الزائد بالفيس بوك، وكم الرسائل النصية التي تأتيه.
ثم إن الزوجة بدأت تلاحظ التغيرات التي ظهرت على زوجها الذي اتجه لصبغ شعر رأسه وشعر شاربه، واهتمامه الزائد بملابسه وزياراته المتعددة لمحلات الملابس لشراء ملابس لا تناسب سنه مطلقا، واهتمامه اليومي بحلاقة ذقنه، والتعطر بعطور اشتراها مؤخرا.
سألتها ثالثا وكيف عرفت أنها تلك المرأة ذاتها التي تشاغله؟ فأجابت بأنها بدأت تبحث وتنقب خلفه على صفحة الفيس بوك، وفي موبيله لتقرأ رسائلها، لا وأخذت رقم هاتفها وعرفت اسمها ومكانها.
وأخذت الصديقة تسب وتلعن تلك المرأة متعاطفة مع صديقتها وما حدث لبيتها، وكيف خطفت تلك المرأة زوج صديقتها المسكين، فقالت لها: ترمون بالعبء كله على المرأة وكأن هذا الرجل مسلوب الإرادة، تأتي إليه امرأة أياً كانت وتسحبه طائعا مختارا لها لماذا تعتقدون دائما بأن الخطأ هو جرم المرأة وحدها، ولماذا تصبون جام غضبكم على المرأة رغم أنها يمكن ان تكون ضحية للكلام المعسول لهذا الرجل الذي ربما نصب فخاخه حولها؟
هل تدرون بماذا أفهمها حتى يتقرب لها؟ ربما أفهمها كذبا أن في زوجته علة ما ويرغب بالزواج من أخرى كما قرر له الشرع، وربما أفهمها أنه يعيش حياة تعيسة مع زوجة لا تهتم به وصور زوجته على أنها وحش لا هم له سوى افتراسه يوميا، وأنه مسكين يعاني من سطوة هولاكو في المنزل.
وعلى زوجته أن تبحث لماذا فر زوجها ليبحث عن أخرى غيرها؟، هل هو رجل معروف بتعدد العلاقات أم إنها السابقة الأولى في حياته وجاءته في هذا السن الكبير وتبدو كأزمة منتصف العمر، فغالبية الرجال يرغبون في التعدد، وغالبا يبحثون عن المرأة الأخرى رغم أنه يحب زوجته، إلا أنه يبحث عن تغيير حالة الرتابة التي يعيشها، فعليها ألا تعانده وألا تخبره بأنها علمت بالأمر وإذا أرادت استعادته ثانية عليها أن تقف مع نفسها وقفة جادة وتسأل نفسها وتجيب بكل صدق.
فربما شعر بأن السن هجم عليه ولم يعد هو ذاك الرجل المرغوب من زوجته، ربما أصبحت زوجته تمارس حياتها بشكل روتيني ممل ولم تعد تهتم بنفسها وجمالها كما كانت في السنوات الأولى من زواجها، وأن تزيد من اهتمامها به ولا تتركه وحيدا في مواجهة الفيس بوك، ولا تتركه وحيدا في غرفة منفصلة يستطيع من خلالها الاتصال بتلك المرأة والتحدث معها.
لم يعجب الصديقة الحديث الذي لم تكن تتوقعه من صديقتها، واستأذنتها في إنهاء المكالمة، وبعد ان أغلقت المرأة سماعة الهاتف تعجبت حقا من ظلم المرأة لبنات جنسها وإلقاء اللوم عليها في هذا الموضوع، وإلقاء اللوم على الفيس بوك وكأنه السبب الرئيسي الذي دفع الرجل للتعرف بأخرى، وكأن الرجل حمل وديع لا يفعل كل هذا بإرادته.

=============================

ليست هناك تعليقات: