٢١‏/١٠‏/٢٠٠٨

الصقارة.. تراث عريق تعتز به الأجيال


رياضة الصيد بالصقور هي إحدى ركائز تراثنا القومي الذي ورثناه عن الآباء والأجداد، وتراث أصيل وإرث تاريخي بكل خصائصه ومميزاته وجزء لا يتجزأ من حياة المجتمع العربي وخاصة شبه الجزيرة العربية، و(الصقارة) هي كل ما يتعلق بهواية القنص والصيد بالصقور، ومنها كيفية التعامل مع الصقر من حيث تدريبه على الصيد.

ويتم ذلك على مراحل عديدة، كذلك الاهتمام بالصقر وصحته ونفسيته، وما يحتاجه الصقار من أدوات للحفاظ على الصقر بيده، وأن يكون ملما بأماكن الصيد وأوقاته، والأجواء المناسبة لتدريب الصقر أو إطلاقه للصيد، وهذا الأمر يتطلب خبرة ودراية وكفاءة عاليه لذلك لا يمكن أن يصبح الشخص العادي صقارا إلا إذا كان لديه العلم والمعرفة اللذان يمكناه من ذلك، وفي معرض الصيد والفروسية الذي أقيم مؤخرا في أبوظبي التقينا بعدد من الصقارة الذين يعملون في تلك المهنة أو بالأحرى يمارسون تلك الهواية منذ أكثر من عشرين سنة وورثوها عن آبائهم الذين برعوا في هذا المجال.
دور الآباء
يقول الصقار عبدالله محمد: لقد أحببت الصقارة بسبب مصاحبتي لوالدي أثناء رحلات القنص، وعندما كبرت وتحديدا في عام 1987م سافرت مع المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان في رحلات للقنص في المغرب وباكستان، ومن هنا زاد عشقي لهواية الصقارة، ويعتبر شهر سبتمبر هو أنسب الشهور لرحلات الصيد.
وكان العرب قديما مغرمين بالصيد بالصقور لسد رمقهم وإشباع حاجاتهم وأيضا لممارسة هواية محببة لديهم، وكان الصيد بالصقور وسيلة للعيش، حيث كان من يمتلك صقرا يصطاد به ليطعم أهله وجيرانه.
تفوق أهل الإمارات
ولقد تفوق أهل الإمارات منذ القدم في تدريب وترويض الصقر، وتوارثوهما جيلا بعد جيل، فالصقار هو ابن وحفيد صقار أيضا، ومهمة الصقار لا تقف فقط عند تدريب الصقر لصيد الفريسة بل يساعده على اختيار تلك الطرائد وذلك من خلال معرفة الجيدة بأماكن تواجدها، والصقار يجب أن يراقب آثار الطيور على الأرض ومدى حداثتها في الرمال لأنه يستدل بها على وجود الطيور وغيرها من الطرق.
ولابد أن يتعود الصقر على الصقار ورغم أن الصيد لديه غريزة خلقها الله سبحانه وتعالى إلا اننا نقوم بتدريبه وذلك من خلال إلباسه برقعا لتغطية عينيه وتدريبه أولا على الوقوف على يد الصقار واستقراره عليها لمدة تقارب أربع ساعات يوميا مع تقليل الطعام المقدم للصقر بغية تجويعه. ثم يتدرب بعد ذلك على اصطياد الفريسة والتي نربطها له بحبل ثم تأتي بعد ذلك مرحلة إطلاقه للصيد في الخلاء.
فوائد التكنولوجيا
وتلك الطريقة تسمى (التلواح) هذا ما يشير إليه الصقار محمد الحمادي والذي أيضا ورث هواية الصقارة من والده وأصبح يجيدها منذ أكثر من 25 سنة. فيقول في البداية نربط جناح الحباري في خيط ليعتاد الصقر على الأكل منه في التدريب وبعد ذلك نعلمه تدريجيا صيد طيور حية كالدجاج والحمام وغيرها حتى يجيد الصيد ويصبح ماهرا فيه، بعدها يصبح جاهزا لرحلات القنص والتي غالبا تبدأ في الصباح الباكر.
وفي الماضي كان يمكن للصقر أن يضيع تائها في الصحراء لكن مع التطور التكنولوجي أصبح ذلك مستحيلا حيث نضع جهازا صغيرا في ذيل الصقر نستطيع من خلاله معرفة اتجاهه والعثور عليه بسهولة في حالة فقدانه، وغالبا فإن فقدان الصقر نادر إذا كان بالفعل تدرب جيدا. ولكل صقر يتم تدريبه اسم خاص به يطلقه عليه الصقار، من تلك الأسماء دهام وهذا إذا كان لونه أسود، أو شقران إذا كان العكس، أو فرحان، فلاح، فزاع وغيرها من الأسماء.
ويعدد الصقار سلطان حسن السمات التي يجب توفرها في الصقار قائلا: لابد أن يتحلى الصقار بالصبر وسعة الخاطر، والتأني والحلم ومعرفة الفرق بين الصقور، فهناك صقور تفضل مهاجمة فرائسها في الجو، وأخرى تجيد المناورة أثناء التحليق والطيران.
وهناك صقور ترهب الفريسة وتفقدها مقاومتها، فكل صقر له قدراته وإمكانياته، فهناك صقور تخشى مهاجمة الطرائد على الأرض وخاصة طير (الحباري) لأن الصقر يخشى عض أرجلها القوية، والصقار الذكي يساعد طيوره ولا يجهدها، فالصقار يتعامل مع الصقر ذلك الطائر الجميل الحساس شديد الذكاء.
مفردات شعبية
هناك بعض المصطلحات التي يسردها الحمادي وخاصة بالتدريب مثل (المخلاة) وهي كيس من القماش القطن مربوطة بحبل يضعها الصقار على كتفه، و(البرقع) وهو القناع الذي يوضع على وجه الصقر ويغطي عينيه ويخرج منه منقاره فقط، وهو من الجلد اللين المزين، ثم (المنقلة) وهي الدرع الواقي ليد الصقار من مخالب الصقر الذي يحمله على يده لساعات طويلة.
وتصنع من القماش السميك، و(السبوق) وهو خيط سميك ملون يصنع من البلاستيك الطري القوي المجدول وتربط فيه رجل الصقر ويثبت طرفه الآخر في المرسل الذي يكون مربوطا في الوكر أو المنجلة، و(المرسل) هو خيط اسمك قليلا من خيط السبوق بطول 120 سم تقريبا وهو أيضا لإحكام قبضة الصقار على الصقر، و(الوكر) هو مجثم الصقر الذي يربطه صقاره فيه للراحة أو النوم.
أما مصطلحات القنص فهي مثلا (المسراح) وهو عندما يطلع الصباح ويذهب الصقار للقنص، (المغباش) ويعني عندما يغبش الفجر، (المقال) تعني راحة الظهر، (عزبة) وهو مكان السكن الذي نرتاح فيه، (الحظيرة) وهو مكان الأشجار.=======


================================


ليست هناك تعليقات: