١٠‏/١٠‏/٢٠٠٨

عمل الفتاة .. خيار بين المرفوض والمفروض




رغم كل ما وصلت إليه فتاة الإمارات على صعيد العمل العام، إلا أن تخييرها بين العمل والبيت لايزال واقعاً مطروحاً في الكثير من البيوت، وخاصة مع تمسك وتفضيل الكثير من الأزواج على بقاء الزوجة في مكانها الطبيعي وهو البيت. وعندما أردنا استطلاع رأي فتاة الإمارات في هذه القضية كان لنا المحصلة التالية.

تقول شيخة غانم الطالبة في كلية علوم الاتصال والإعلام في جامعة زايد في أبوظبي: تركت تعليمي بسبب الزواج المبكر، ولكن زوجي شجعني على مواصلة الدراسة منازل، وحصلت على الثانوية العامة، ثم التحقت بالجامعة رغم انجابي أربعة أبناء، ساعدني زوجي في الاعتناء بهم إلى جانب تحضيره للماجستير في ادارة الأعمال من جامعة زايد، وأعتقد أن رجلا بعقلية زوجي لايمكن أن يخيرني بين البيت والعمل، لأنه يقدر قيمة الأم المتعلمة وقد دفعني لتطوير قدراتي وثقافتي واكتساب المهارات التي تفيدني مع أولادي.

الموازنة بين البيت والعمل : عتقد أن أهم شيء هو عدم التقصير في حق البيت وتربية الأولاد، والموازنة المنظمة بين البيت والعمل، وحتى لو خيرني زوجي بين البيت والعمل، وهذا احتمال بعيد، سنتحاور فيما دفعه لذلك، وسينتهي الأمر بإقناع أحدنا للآخر والاتفاق على الرأي السليم. وتواصل شيخة: لقد تغير الزمن وأصبح الرجل يقدر قيمة المرأة ودورها في التنمية، فالمرأة أصبحت أكثر من نصف المجتمع، وإذا أهملنا دورها وحصرناه في البيت لن نتطور، خاصة والجيل الجديد متحمس ولديه كثير من العطاء.

رفض الزوج المساوم : وتضيف زميلتها مريم المحيربي: لن أتزوج رجلا يفرض هذا الشرط ويساومني بين العمل والبيت. من البداية سأوضح رغبتي في العمل، وهل يعقل أن تتهاوى أحلام التخرج بالجلوس في البيت، بعد تعب السنين في الدراسة والاجتهاد، فجزء من رد الجميل للوطن، الذي شجعني على العلم بالمجان، أن أعمل وأشارك في تنميته، أرى العمل مهمة وطنية، والمرأة طاقة كامنة يجب اطلاقها لفائدة المجتمع واثبات ذاتها، ودورها لم يعد قاصرا على تربية الأولاد، فهي قادرة على مهام أصعب، ولدينا نماذج لنساء رائدات لم تتوقف مسيرتهن كزوجات وأمهات صالحات.
الأم العاملة أفضل
الموافقة على العمل شرط أساسي للموافقة على العريس، هكذا قالت حنيفة ابراهيم البلوشي الطالبة في قسم العلاقات العامة، وتضيف: إذا أصر على رأيه فعليه اقناعي بوجهة نظره، قد يشترط ذلك في سنوات الزواج الأولى مع الإنجاب مثلا، وقد أوافق اذا كان قادرا على توفير احتياجات العائلة.
امرأة اليوم أصبحت داعما اساسيا في الأسرة، بسبب غلاء المعيشة وعدم قدرة الرجل وحده على تحمل كافة النفقات، وأرى أن الشباب الحالي يبحث عن الفتاة العاملة التي تسنده ماديا، كما أن الأم المتعلمة العاملة هي الأفضل لأولادها، مع احترامي لكل أم تجلس في البيت دون عمل، فهناك أشياء كثيرة تكتسبها المرأة من عملها، مثل الثقة بالنفس والقدرة على مواجهة الحياة في مختلف الظروف، إلى جانب المادة.
رفض غير منطقي
وتضيف زميلتها ايناس سعيد العامري: الحياة صعبة ودخل المرأة مهمّ للأسرة، ولم يعد هناك سبب منطقي لرفض عملها لمجرد التحكم بالرأي، وأعتقد أن تلك الأمور تحتاج الى نقاش جاد ومقنع للطرفين، لا يمكن أن أتعب سنوات عمري بين تحصيل العلم والدراسة ولا أستفيد من جهدي في تحقيق المزيد من النجاحات، وإفادة وطني الذي منحني كافة الحقوق، وفتح أمامي باب العلم والعمل والترقي دون تمييز مع الرجل.
لا يمكن أن أعود حبيسة جدران المنزل كما كانت جدتي التي لم تنل حظها مثلنا في هذا الوطن الجميل الذي لن يتطور وينمو إلا بسواعد أبنائه من النساء والرجال، وفي ذات الوقت العمل يعني لي الكثير فهو يشعرني بأهميتي في الحياة إلى جانب كوني زوجة وأماً ينتفع أولادها بعلمها وعملها، لذلك سأشترط من البداية على من يرغب في الزواج مني الموافقة على عملي.
العمل يكمل الشخصية
أما العنود الجنيبي، الطالبة في السنة التأسيسية في جامعة زايد، فهي ترفض مطلقا أن يضعها زوج المستقبل في مساومة بين البيت والعمل، لأن عملها مسألة محسومة من البداية، وتقول: هذا مستحيل، هل يعقل أن أدرس وأتعب وأجتهد وتتوتر أعصابي لسنوات، وعندما أبدأ مرحلة جني الثمار أجبر على الابتعاد نزولاً عند رغبة زوج المستقبل؟!
أعتقد أنني سأرتبط برجل صاحب شخصية ومتعلم ومثقف، يقدر قيمة المرأة العاملة ويدفعها للمزيد من النجاحات، وليس معولا للهدم، ومع احترامي لكل ربات المنازل، شخصية المرأة لاتكتمل إلا من خلال عملها وإثبات ذاتها وقدرتها على تحمل المسؤولية في مجتمعها.
لقد أثبتت المرأة الإماراتية قدرتها على ذلك بل وتفوقت على نفسها وأصبحت عضوة في البرلمان ووزيرة وقاضية. ومن تصل الى تلك المكانة في فترة وجيزة من عمر نهضة دولتنا هي بحق امرأة جديرة بالثقة والاحترام، سواء كامرأة عاملة أو كزوجة وأم، قادرة على تربية ورعاية أولادها، ومساندة شريك حياتها الذي قد لايستطيع تحمل كافة الأعباء المادية وحده في زمن يتصاعد فيه الغلاء يوما بعد يوم وتزداد فيه مطالب الأبناء المحاطين بالفضائيات.
المساعدة في النفقات
وتتفق معها زميلتها سمية الحمادي التي قالت: وجود المرأة المتعلمة في المنزل يضاعف وقت فراغها، الذي سينعكس بدوره على علاقتها بزوجها، وهي تنتظره يوميا بعد الانتهاء من شؤون منزلها، فلا تقدر قيمة عمله ولا المجهود الذي يبذله، وربما تسوء العلاقة بينهما.
كما أن المرأة العاملة تساعد في دخل البيت، وشخصياً أرفض تماما مثل هذا الأمر، وإذا حدث سوف أستغل ذكائي بأسلوب مهذب لإقناع زوج المستقبل بأهمية عملي، وأنه لن يؤثر مطلقا على تربية أولادنا بل سيفيدهم.
فالأم العاملة تعرف كثيرا عن الحياة مما تواجهه من مسؤوليات في العمل، وهي أقدر من غيرها على تحمل مسؤوليات البيت، وأعتقد أن شباب اليوم يفضل الزواج من الفتاة العاملة التي تساعده في نفقات المعيشة.
شروط للعريس
وتؤكد هند خليفة الكتبي من قسم المحاسبة في جامعة زايد أنها ستضع شرطا للعريس قبل الزواج وهو الموافقة على عملها، فالدراسة بالنسبة لها ليست تحصيلا للعلم فقط، بل هي طريقها للنجاح والاستمرار والارتقاء لأعلى المناصب، قائلة: طموحاتي وأحلامي كثيرة فأنا أفكر في معادلة شهادتي للمحاسبة بالشهادة الأميركية كمدققة حسابات، ثم الحصول على الماجستير. طموحي العلمي بلا حدود ولن يتوقف، لهذا لن أقبع داخل جدران المنزل، وسأعمل حتى النهاية، بإذن الله.

==========================

ليست هناك تعليقات: