٠٦‏/١٠‏/٢٠٠٨

هل يعيشون أحلامهم أم أحلام آبائهم؟



يلاحظ أن الكثير من أولياء الأمور ونتيجة لظروف الحياة لا يستطيعون تحقيق أحلامهم إلا في وقت متأخر وربما في خريف العمر، ويصبح تركيزهم إجبار أبنائهم على أن يعيشوا أحلاما لم يختاروها، فما هي الحقيقة؟ سؤال طرحناه على مجموعة من طالبات كلية التقنية العليا في أبوظبي بحثا عن إجابة صريحة.

تقول ميرا الريس من الإدارة وتكنولوجيا المعلومات: وجدت نفسي متفوقة في هذه المادة بجانب قدرتي على التعامل الجيد والتواصل مع الناس، واكتشفت امتلاكي عقلية ادارية، فراودني حلم دراسة هذا التخصص. أعلنت رغبتي لوالدي ولم يتدخلا مطلقا في تغيير رغبتي أو حلمي، بحجة أن هناك ما هو أفضل، بل شجعاني على تحويل الحلم الى حقيقة، ايمانا منهما بأنني عندما أحب ما أدرسه سأحقق النجاح الذي أنشده وسيعود حتما بالفائدة على المجتمع.وميرا الريس إلى جانب كونها طالبة فهي تعمل في الكلية موظفة استقبال فتقول: العمل بجانب الدراسة حلمي الخاص جدا الذي تمنيت تحقيقه، فقد تمنيت خوض العمل مبكرا لأنه يزيد ثقتي بنفسي ويحقق استقلالي ماديا ومعنوياً ويمنحني الخبرة العملية، أما الدراسة فهي العلم الذي يطور ويصقل قدراتي، رغبت الا أنتظر التخرج كي أعمل وعندما أخبرت والداي وافقا فورا، وتركا لي حرية الاختيار، ولم يعترضا بحجة أن عملي قد يعيق تحصيلي العلمي، بل وجدتهما فخورين بي وبالطريق الذي اخترته لنفسي، وأبديا ارتياحا كبيرا لكل احلامي وسبل تحقيقها، وأعتقد أن الصداقة التي جمعت والديّ بي وبإخوتي جعلت النقاش بيننا واضحا وجميلا.
ديمقراطية الحوار
مياسة السادة، خريجة كلية التقنية العليا بنات، قسم تكنولوجيا المعلومات وتعمل مدرسة تقول: لم يفرض علي والديّ أحلامهما، بل كان حبي للكومبيوتر الهاجس الذي راودني وجعلني أحلم بدراسته، ووددت لو اعمل مدرسة كومبيوتر، والحقيقة أننا كأسرة نعيش جوا ديمقراطيا، نناقش أمورنا بموضوعية ولا يفرض أحد رأيه على الآخر، قد يتدخل الوالدين بموضوعية في تعديل الحلم وتصحيح مساره.
وتضيف: تربطني علاقة صداقة وطيدة مع والدتي، وتتطابق أحلامنا، فقد كرست حياتها لتربيتنا، وتهيئة سبل نجاحنا وتحقيق ذاتنا، ووالدي طموح وعصامي اعتمد على نفسه وأصر على النجاح وذهب إلى الكويت في بعثة للدراسة، في زمن ندرت فيه البعثات التعليمية، وكافح واجتهد وعمل في سن صغيرة ليحقق أهدافه، وهو قدوتي ومثلي الأعلى، لذلك اسير على طريقه واحلم بإكمال دراستي العليا، ولي أحلام كثيرة في مجال البزنس وسوف أحتاج لتوجيه أبي لاختيار الاتجاه السليم.
خديجة علي العامري تخصص تدريس اللغة الإنجليزية لغير الناطقين بها، تؤكد أن أحلامها تتطابق مع أحلام والديها فتقول: لا أجد أي اعتراض منهما على تحقيق كل ما أحلم به واتمناه، عندما التحقت بكلية التقنية العليا بنات وفي السنة التأسيسية وجدت أن قسم اللغة الانجليزية مناسب لطموحاتي، ويمنح شهادة البكالوريوس من جامعة معترف بها في استراليا، وتدريس اللغة الانجليزية أمر يروق لي وأعشقه حقا، كانت رغبة أهلي في البداية أن أدرس الطب، خاصة وكنت متفوقة طوال مراحل دراستي، إلا أنهم تنازلوا عنها ومنحوني حرية الاختيار لقناعتهم بأنه مستقبلي ولا بد أن أحدده بنفسي.
آباء عصريون
وتضيف العامري: اشعر حقا أنني محظوظة بوالديّ المؤمنين جيدا أن نجاحي سيقتصر على الهدف الذي صنعته لنفسي، فهما يؤكدان أن رغبة الإنسان ودافعه يلعبان دورا مهما في نجاحه، وعندما اقتنعا بحبي لمهنة التدريس ورسالتها النبيلة (كاد المعلم أن يكون رسولا) تركاني أحقق رغبتي، فوالدتي مساعدة طبيب ووالدي مهندس طيران والاثنان درسا في فرنسا، وأجد أحلامهما قريبة جدا من أحلامي وأمنياتي، وأحلم بأكمال دراستي العليا في فرنسا ولكن في تخصص آخر وهو الموارد البشرية، وهما يشجعاني على تحقيق هذا الحلم، حقيقة أرى أنني أعيش حلمي، الأجيال الحالية تعيش زمن التطور ولديها استقلالية وحرية اتخاذ القرارات.
أما مريم الشحي، وهي طالبة في ادارة العلوم الصحية فتقول: يمنحني أهلي حرية الاختيار، بل اجد منهما تشجيعا كبيرا، ووالدتي صديقتي الحميمة، وأرى أنها تحقق أحلامها الضائعة بما أحققه لنفسي من أهداف أسعى اليها، ولأنني أصغر الأبناء فقد تعارض أحيانا بعض رغباتي ولكن بدافع الحب والخوف علي. عارضت مثلا سفري ضمن بعثة للدراسة في الخارج، لكنها وافقت ووالدي على سفري في بعثة الى اسكوتلاندا لمدة شهر، فهي لا تحتمل فراقي لمدة طويلة. قد تختلف أحلامي عن أحلام اهلي بسبب العصر الذي نعيشه، فقد منحتنا الدولة فرصا كثيرة في كل المجالات وأصبح تحقيق الأحلام سهل المنال، لكن لابد من بذل الجهد والعمل بإخلاص من أجل الوصول الى الأهداف.
وتضيف الشحي: حتى اذا عارض الأهل رغبة أبنائهم، فيمكن للإنسان تحقيق حلمه بشكل مختلف. مثلا رغبت في البداية دراسة الإعلام لحبي التصوير، الا أنهما رفضا الفكرة فتحولت عنها، لكنني مارست التصوير كهواية وتعلمت انتاج الأفلام في نادي الأفلام الرقمي في المجمع الثقافي، بل وأخرجت عدة افلام تدور معظمها حول القضايا الصحية التي تخص الإنسان.
أحلام مشروعة
وتضيف زميلتها وفاء الحوسني: كنت أتمنى دراسة الطب، ولم يحدث، فاخترت إدارة العلوم الصحية لأنها الأقرب لميولي، وأتمنى أن أجد الوظيفة المناسبة بعد التخرج خاصة وأنا أحلم بنجاحي في عملي وخدمة بلدي وتحقيق ذاتي. جميع أحلامي مشروعة، يشجعني عليها أهلي طالما أنها لا تتعارض مع العادات والتقاليد وضمن حدود الواقع، وعموما احلام الجيل الحالي تختلف عن جيل الآباء بسبب تغير الحياة والتطور والوفرة المادية التي نعيشها، وانعكس ذلك ايضا على احلام الآباء والأمهات فأصبحت احلامهم تتوافق مع احلامنا، والأحلام لا تتوقف، فإذا نجحت في التعليم تحلم بالنجاح في العمل، واذا نجحت في العمل تحلم بالتفوق والتميز للترقية، وهكذا فلا يوجد سقف للنجاح، ويبقى حلمي هو نجاح كل شيء في حياتي.
وتقول ليلى مبارك الطالبة في السنة التأسيسية: أحلم أن أصبح مخرجة، لذلك سأتخصص في الإعلام، ورغم غرابة الحلم بالنسبة لأهلي الا أنني وجدت منهم تشجيعا ودعما، فوالدتي أحيانا تعارض أفكاري في البداية، إلا أنها بعد المناقشة الهادئة تقتنع بوجهة نظري وتتركني أحقق رغباتي.


=======================


هناك تعليق واحد:

غير معرف يقول...

very cool.