٢٣‏/١٠‏/٢٠٠٨

موعد مع القدر.. والعريس قادم



كما اعتادت دائما أمسكت بالجريدة تقرأ طالعها، فهي غالبا تصدق المكتوب، بل وتجعل يومها بأكمله يسير وفقا لما قرأته، فربما تأتي الأحداث مصادفة خاصة وغالبا يتحقق ما يقوله الحظ، ابتسمت وانفرجت أساريرها وهي تقرأ بصوت مرتفع، اليوم أنت على موعد مع القدر سيأتي إليك العريس الذي انتظرته كثيرا، لا تفوت الفرصة.
تركت الصحيفة جانبا وبدأت تنجز أعمالها، وفي رأسها هاجس يخبرها بأن اليوم هو حقا يوم سعدها وإنها ستلتقي مصادفة بشريك حياتها، وبدأت تحلم بالفستان الأبيض والعرس الذي يضم الأهل والأصدقاء، وأصداء زغاريد الفرحة، لقد تجاوزت سن الثلاثين، وتضاءلت فرص زواجها، وأصبحت تتمنى أن تتزوج برجل يقدرها ويتناسب مع مؤهلها الدراسي ومستواها الاجتماعي.
حضر المدير وطلب منها إدخال الشباب المتقدمين لوظيفة محاسب لاختبارهم واختيار أفضلهم، رتبت أوراقهم حسب المؤهلات والخبرة واستيفاء الشروط المطلوبة ووضعتها فوق مكتب المدير وخرجت لتنادي على الأسماء.
توالت أسماء المتقدمين الذين دخلوا إلى المدير وتبقى منهم واحد ينتظر، كلما نظرت إليه شعرت بأنه يتفحصها ويطيل النظر إليها، فشعرت ببعض الارتباك إلا إنها حاولت التماسك أمامه، ورغم مطاردته بابتسامات غامضة لا تعرف معناها إلا أنها حاولت إخفاء اهتمامها، ثم بدأ يلح السؤال، هل هذا الشاب هو العريس المنتظر كما أخبرها الطالع؟
جاء دور الشاب ودخل عند المدير، وانتهزتها فرصة لإخراج المرآة وضبط ماكياجها وبسرعة ضغطت باصبع الروج على شفتيها لتزيد حمرتها، وأسدلت خصلات غرتها على جبهتها ورتبت شعرها، اطمأنت أن كل شيء على ما يرام، ثم اعتدلت في جلستها لتكمل عملها أمام شاشة الكمبيوتر مرة ثانية.
بعد انتهاء الدوام حملت معها حلمها الذي راودها إثر قراءتها حظها اليوم، وبدأت تنسج في خيالها قصة ذلك الحب التي ربما بدأت هذا اليوم مع هذا الشاب الذي أخبرها به الطالع، فربما يكون هذا هو القدر الذي قرأت عنه.
انتبهت على صوت أمها وهي تخبرها بأن خالتها ترغب في زيارتهم في الغد وأن عليها التواجد لاستقبالها، فأجابت بالإيجاب، وعادت بذاكرتها إلى الزمن البعيد القريب عندما كانت تدرس في المرحلة الثانوية ونشأت بينها وبين ابن خالتها قصة حب من طرف واحد، فقد أحبته إلا أنها لم تستطع أن تفصح عن هذا الحب بسبب خجلها وقلة خبرتها، وسافر ابن خالتها وتزوج من فتاة أجنبية في البلد الأوروبي الذي هاجر إليه، وقتها شعرت بألم شديد ومعاناة لم يعرفها أحد.
في اليوم التالي اخبرها المدير باسم الشاب الذي اختاره للوظيفة، وكانت المفاجأة أنه نفس الشاب الذي أخذ قلبها لساعات معدودة، اتصلت به هاتفيا لتخبره بالنتيجة شكرها كثيرا، وأخبرها إنه سيأتي حالا لاستلام الوظيفة.
أتى الشاب وشكرها بلطف ودخل عند المدير وخرج إلى قسم الموارد البشرية لاستكمال الإجراءات، ثم عاد إليها ليشكرها ثانية ومد يده للسلام عليها فوقعت عينها على دبلة الخطوبة التي في إصبعه.
شعرت بخيبة أمل وأمسكت بالجريدة ثانية لتقرأ ما يقوله الطالع لبرجها اليوم، فوجدت نفس العبارة التي قرأتها بالأمس، هي أنها اليوم على موعد مع القدر وأن العريس قادم لا محالة.
عادت إلى المنزل وتهيأت لاستقبال خالتها، وما هي إلا دقائق معدودة ودق جرس الباب فانطلقت تفتحه، وكانت المفاجأة التي عقدت لسانها رؤية ابن خالتها واقفا على الباب مع والدته، لم تصدق ما رأت عيناها وقد ألجمت المفاجأة لسانها، إلا أن والدتها تداركت الأمر وهمت بتقبيل أختها وابنها وأدخلتهما إلى الصالون.
وكانت خالتها قد أتت لخطبتها لابنها بعد أن طلق زوجته الأجنبية التي تركت له أربعة أبناء، وعندما طلبوا رأيها، صرخت بأعلى صوتها.. لا.. لا أوافق، ملعون هذا الحظ الذي قرأته وأخبرني عن هذا الموعد اللئيم مع قدر تعيس.

=======================================

ليست هناك تعليقات: