٠٤‏/٠٣‏/٢٠٠٩

شركات المياه الغازية تستثمر الأزمة العالمية وترفع الأسعار


رغم انخفاض الأسعار في العالم لمواجهة تبعات الأزمة المالية، ورغم إعلان الجمعيات التعاونية عن خفض أسعار بعض السلع الأساسية من منطلق الحرص على استقرار أسعار السلع والحفاظ على توازن السوق، تطالعنا بعض الأخبار التي نشرت مؤخراً عن قرار اتخذته شركات المياه الغازية برفع سعر المشروبات بنسبة 25%، وقد قمنا باستطلاع عدد من الآراء عن هذا الموضوع، فاتجهت بنا الأراء الي احتكار السوق من قبل بعض الوكالات التي تتحكم في الأسعار من أجل مصلحتها الخاصة.
يقول الخبر.. في الوقت الذي يتم خفض أسعار السلع بمختلف أنواعها رفعت شركات المياه الغازية سعر المشروبات بنسبة 25%، وبدأت محال البقالة والسوبر ماركت في أبوظبي البيع بالسعر الجديد، حيث أصبحت العبوة بحجم 355 مل بدرهم، والعبوة بحجم 330 مل بدرهم و25 فلسا بعد أن كانت تباع بدرهم واحد، وصارت العبوة 25 .2 ليتر بخمسة دراهم بعد أن كانت تباع بأربعة دراهم، وذكر أصحاب البقالات أن صندوق المشروبات الغازية سعة 24 عبوة حجم 355 مل و330 مل بسعر 25 درهما بعد أن كان بسعر 22 درهما، وصندوق العبوات الكبيرة الحجم لسعة 6 عبوات 25 .2 ليتر 25 درهما بعد ان كان بسعر 22 درهما.

التاجر يرفض الخسارة... الدكتور إبراهيم الشمسي أستاذ الصحافة في كلية الإعلام جامعة الإمارات يقول: إن الوضع الاقتصادي يؤثر كثيرا على التاجر، الذي لا يريد أن يعترف بالواقع وأن يتحمل جزءا من الخسائر ويقع فريسة لما يحدث في العالم، لذلك يرغب في أن يظل على المستوى الاقتصادي الذي يرغب به، ومن أجل ذلك يقوم بدراسة يقيم فيها مستوى السوق ليتعرف على المواد الأكثر استهلاكا والتي لا يستطع الفرد الاستغناء عنها مطلقا، لذلك مهما حدد سعرا للسلعة حتى ولو كانت مرتفعة السعر فإن المستهلك سيقبل عليها لأنه لا غنى عنها في استخدامه اليومي. وإذا صار مؤخرا بعض التراجع في الأسعار التي نتج عنها خفض بعض السلع فذلك نتيجة للضغوطات العالمية والوزارات والدوائر التي تريد أن تتخذ الأسعار منحى آخر يتناسب مع ما يحدث عالميا ومحليا من آثار الأزمة على الاقتصاد وتبعاتها على أفراد المجتمع.
والحقيقة التي يجب أن تؤخذ في الاعتبار هي أن السعر لم ينخفض ولكن صار هناك نوع من التلاعب، فالدراسة التي أجراها التجار على السوق تؤكد أن المستهلك لا يمكن أن يستغني مثلا عن المشروبات الغازية، فعدد أفراد كل بيت على سبيل المثال تتكون من 5-6 أفراد على الأقل، ومن المؤكد أن هؤلاء لا يستطيعون الاستغناء عن تلك المشروبات ليس لأفراد البيت فقط ولكن أيضا للزوار من ضيوفهم، وهذا ينطبق أيضا على المواد الغذائية، حتى السجائر فكلما ارتفعت أسعارها لا يقل إقبال المدخنين عليها، لأنها أصبحت ضرروية بالنسبة لهم لأنها نوع من الإدمان.
ويواصل د. الشمسي: نظرة سريعة لطرق الترويج بالنسبة للمواد الغذائية أو المشروبات الغذائية وغيرها نجد أن التجار يمنحون المشتري هدايا أو كميات إضافية من السلعة التي اشتراها إذا ارتفعت مشترياته منها بمبلغ معين يقومون هم بتحديده، وهذا رغبة منهم بإغراق المستهلكين بها حتى يعتادوا أو يشعروا أن تلك السلع من الأساسيات في حياته ولا يمكن له الاستغناء عنها بأي حال من الأحوال.
خدعة الأسعار
ويضيف الشمسي: هناك خدعة في رفع الأسعار وانخفاضها، فقبل الأزمة كانوا يؤكدون لنا أن سبب ارتفاع الأسعار هو ارتفاع سعر البترول، والآن أنخفض سعر البترول بشكل كبير عن قبل ولم تنخفض الأسعار التي ربطوها به، وفي اعتقادي أنه وبالرغم من كل الأموال التي ضخت في البنوك لم نشعر بأثرها لأن التجار يرفضون الهزيمة، والذي أعنيه هنا أنهم لا يزالون يرغبون في المكسب الكبير دون مراعاة أن العالم كله من حولنا يعاني ونحن جزء من هذا العالم الكبير.
ويشير د. الشمسي: وعن نفسي أحاول كفرد أن أقنن مصروفاتي، لكن المشكلة الحقيقية تكمن في أن الإنسان اعتاد على نمط معيشي معين خاصة مع وجود أطفال من الصعوبة أن أحرمهم من أشياء اعتادوا عليها لأنهم لن يفهموا أبعاد تلك الأزمة الراهنة على مستوى العالم، فربما الكبار من أولادي هم الذين يتفهمون ما أقرره أحيانا بشأن تخفيض النفقات، لكن في النهاية لا يمكن أن يتراجع الفرد عما أعتاد عليه بين يوم وليلة، وذلك لأننا محكمون بمجتمع نعيش فيه أعتاد على النمط الاستهلاكي، ولابد أن تساير هذا المجتمع على حساب تكاليفك المادية، لأنهم سيسخرون منك ومن أولادك وربما نعتوك بالبخيل، وهذا يتطلب وجود توعية بين أفراد المجتمع لترشيد الأنفاق، فللأسف حتى وسائل الإعلام تجدها تدفعك لعدم الاهتمام بالأمر كثيرا، ويحثونك على الإنفاق دون مبالاة، فعندما يخرج علينا بعض المحللين ويطمئنونا أن الأوضاع جيدة وأنه لا خوف ولا قلق فهذا يدفعنا إلى زيادة الإنفاق، نعم فنحن نعلم أن الحكومة وضعت الخطط لمواجهة تلك الأزمة، لكن هذا لا يمنع أن يكون للمواطن دور فعال في مواجهتها ليساعد أيضا في تنفيذ خطط الحكومة، وعليه أن يتجه إلى ترشيد الاستهلاك.
تلاعب التجار
رجل الأعمال يوسف الخوري يؤكد أن افتقاد الرقابة سبب تلاعب التجار بالأسعار ويقول: لابد أن تكون هناك رقابة صارمة على الوكالات التي تتحكم في أستيراد السلع، وأن يمنع احتكار كل وكالة لسلع بعينها وأن يفتح المجال للجميع حتى لا يتحكم أشخاص معينون في السوق ويحددوا الأسعار بمعرفتهم وبناء على حساباتهم التي تبغي المكسب دائما دون الاهتمام أو مراعاة مصلحة المستهلك.
ويواصل الخوري: فالمستهلك يستطيع أن يمتنع عن شراء ملابس جديدة، لكنه لا يستطيع أن يمتنع عن شراء السلع الغذائية لأنه يأكل كل يوم، لذلك من المهم تفعيل الدور الرقابي للدوائر المحلية والبلديات على الأسواق بالتعاون مع وزارة الاقتصاد، ولابد من إيجاد طريقة للتوازن في السوق واستقراره وحماية المستهلك من طمع التجار، فأنا تاجر وأعترف بأن التاجر يبحث عن مصلحته فقط، ولا يمكن أبدا أن يكون خسرانا، فالتاجر لو سألتيه عن مكسبه سيجيبك دائما بأنه خسران، ويعاني من تراكم الديون والحقيقة أنه يكذب، فلن يسمح لأي ظروف أن تجعله خاسرا بأي حال من الأحوال.
الحد من التلاعب
الشيف مصبح الكعبي يرى أنه لابد أن يوجد سعر موحد يفرض على جميع السلع ولا يترك الأمر على مصراعيه للتجار كي يحدد كل واحد منهم الأسعار حسب رؤيته الخاصة وما يحققه من أرباح ويقول: في السعودية الأسعار موحدة لذلك لا يستطيع تاجر أن يتلاعب بالأسعار، ولابد أن يكون عندنا نظام يجعل الأسعار في جميع الأماكن موحدة، وهذا يحد من التلاعب، ويأتي لمصلحة المستهلك الذي يعاني الأمرين في مواجهة تلك الأمور، وفي اعتقادي أنه إذا أنخفض سعر البترول ستحل كل المشاكل، لأن التجار يتحججون أن شحن البضائع ونقلها من مكان إلى آخر يزيد بسبب البترول، فمثلا عندما تشتري غرفة نوم من محل للمفروشات، فإذا كنت ستنقلها إلى أبوظبي يأخذ منك 400 درهم، ودبي 200 درهم والشارقة 100 درهم وهكذا، وما نراه أن سعر برميل البترول قد أنخفض لكن سعر البنزين لم ينخفض ولا أدري لماذا؟
أمنة عبد الله تؤكد أنها مذهولة من هذا القرار الاستفزازي لشركات المياه الغازية وكأن تلك الشركات لا تعرف ما يدور في العالم وتواصل: حقيقة لا أعرف سببا محددا يجعلني أجيب عن السؤال الذي يدور في ذهني بأنه لماذا اتخذت تلك الشركات هذا القرار في ظل محاولة الحكومة الحد من التلاعب في أسعار السلع وخفضها للمحافظة على استقرار السوق والتغلب على الصعوبات التي يمكن أن يواجهها المواطن في حجم الإنفاق الذي يزيد يوميا، وليس بسبب كم ما يشتريه من سلع ولكن بسبب ارتفاع تلك السلع نفسها، فالغلاء يحيط بنا وكأنه وحش يريد افتراسنا.
سلطان الزعابي: الغلاء يحاصرنا من كل جانب وأرجو ألا يؤثر ارتفاع الأسعار على المهور
تحدث الفنان المصور سلطان الزعابي عن ارتفاع أسعار المشروبات الغازية في أبوظبي بنسبة 25% قائلاً: أرجو ألا يؤثر ذلك أيضا على غلاء المهور، فربما تزداد المهور أيضا لمجابهة ارتفاع أسعار تلك المشروبات في ظل الأزمة المالية والاقتصادية الطبيعي فيها أن تنخفض الأسعار.
ويواصل الزعابي: ارتفاع الأسعار يحيط بنا رغم الركود الاقتصادي، فعلى سبيل المثال لا الحصر إذا كنت أشتري قطعة من الحلوى بدرهمين أصبحت بعشرة دراهم، وعندما انخفضت الأسعار لمواجهة الأزمة تم تخفيضها من عشرة دراهم إلى ثمانية دراهم، وهذا يدل بوضوح أنها لم تنخفض إلى ما كانت عليه، بل انخفضت بزيادة في سعرها الذي اعتدنا شراؤها به من قبل، فزادت علينا لصالح أرباح التجار.
فالأسعار في ازدياد وهبوط الأسعار كالوهم في السراب، فقبل كان يمكنني شراء بعض السلع الغذائية للمنزل بما يعادل 500 درهم الآن أشتري نفس السلع بزيادة ثلاثة أضعاف، وبدلا من أن أدخر كي أستطيع توفير نفقات الزواج أجد نفسي محاصرا بكم كبير من الإنفاق الذي يعد ضروريا وأساسيا ولا أستطيع الاستغناء عنه، حتى في المعمار ارتفع سعر طن الحديد إلى 6000 درهم، ورغم أن جميع مواد البناء انخفضت إلا أن طمع المقاولين جعلنا نقع أسرى لهم، فلم يعد أحد قادرا على بناء بيته لأن ما كان يتكلفه البيت قديما للبناء زاد أربعة أضعاف.
ويؤكد الزعابي أن كل شاب الآن يحاول التشبث بغرفة في بيت أهله يستطيع أن يتزوج فيها لأنه غير قادر على تكاليف الزواج أو بناء بيت أو السكن في شقة بإيجار مرتفع، فالشقة 3 غرف وصالة والتي كانت بإيجار 60 ألف درهم تعدى إيجارها الآن 200 ألف درهم وإذا أستطاع أن يجدها.
فالأزمة ستؤثر حتما على الحياة الزوجية والعائلية، فبعد أن كان الزوج يحث زوجته على الإنجاب، سيخشى الآن من إنجاب المزيد من الأطفال، لأنه يعرف أن دخله ثابت ومحاصر بارتفاع الأسعار.


===========


ليست هناك تعليقات: